أساس المسؤولية الجنائية في القانون المغربي وموانع المسؤلية ومانع العقاب

أساس المسؤولية الجنائية في القانون المغربي وموانع المسؤلية ومانع العقاب



المطلب الأول الجريمة كمصدر للمسؤولية الجنائية
إذا كان وقع الاتفاق فقهيا على أن الجريمة هي مصدر المسؤولية الجنائية فان تحديد العناصر المعنية المطلوبة في الجريمة كأساس للمسؤولية الجنائية محل خلاف في الفقه فهناك من يذهب إلى إخراج الجانب المعنوي من عناصر الجريمة ووضعه بين أركان المسؤولية الجنائية مما يجعل تخلفه لايؤثر على قيام الجريمة وان كان يؤدي إلى انعدام المسؤولية عنها وذلك بهدف التوسع في نظرية الجريمة بحيث يكفي توافر وجود الجريمة من الناحية القانونية صدور تصرف من شأنه النيل من المصلحة محل الحماية أو تعريضها للخطر دونما اعتبار للركن المعنوي وفرق البعض بين شروط تجريم الفعل وشروط تطبيق العقوبة  فإذا كانت الجريمة تعني إتيان الأعمال التي حرمها القانون فان المسؤولية هي لالتزام بتحمل نتيجة هذه الأفعال لذا فان توفر الأهلية الجنائية ليس شرطا لقيام الجريمة وإنما يعتبر ركنا للمسؤولية الجنائية والاخد بهذه التفرقة يجعل من الممكن التوسع في التجريم بحيث يستطيع المشرع أن يحفظ بكل ما يهدد المصلحة الاقتصادية بالخطر أو الضرر بمجرد معايرته في النموذج المادي والمعنوي المتطلب كوقوع الجريمة فبالنسبة للمدرسة التقليدية نجدها لاتكفي بنسبة الفعل ماديا إلى الفرد ونما تشترط زيادة على ذلك أن يكون متمتعا بالتمييز وحرية الاختيار وهو ما يعبر عنه بالإسناد المعنوي فيكون أساس المسؤولية لديها هو "الخطأ لا لأن من يميز بين الخير والشر يعتبر مخطئا عندما يختار الشر كهدف له
وقد نادت المدرسة الوضعية بأساس جديد للمسؤولية تبعا لفلسفتها بأن الإنسان مجبر في تصرفاته وان ما نسميه بالإدراك والإرادة مجرد خيال لا أساس له في الواقع فعندما يرتكب الشخص فعلا ضارا بالمجتمع فانه يسال إلا انه يسال مسؤولية اجتماعية وحماية المجتمع ودفع كل ضرر عنه هي الأساس القانوني وليس مسؤولية جنائية لأنه لم يرتكب جرما
هذا بالنسبة للفقه أما بالنسبة للتشريع فالقانون المغربي أخد بمبدأ المدرسة التقليدية الجديدة مع تأثر محدود بالمدرسة الوضعية كما يتضح ذلك من الفصل 132 ومضمونه أن كل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤولا شخصيا عن الجرائم التي يرتكبها والجنايات والجنح التي يكون مشاركا في ارتكابها ومحاولات الجنايات ومحاولات بعض الجنح ضمن الشروط المقررة في القانون لعقاب عليها ولا يستثنى من هذا المبدأ إلا الحالات التي بنص فيها القانون صراحة على خلاف ذلك

المطلب الثاني مسؤولية الشخص المعنوي
يذهب   بعض الفقه إلى معارضة مسؤولية الشخص المعنوي بان العقوبات المعروفة في التشريعات الجنائية لا يتصور تطبيقها عليه كالإعدام والحبس مثلا وان الشخص المعنوي وجد لتحقيق غاية معينة ومشروعة ولتحقيق هذه الغاية لايتطلب الأمر ارتكاب الجريمة ولا يتمتع الأشخاص الاعتبارية بالإرادة إلا في دائرة تنفيذ مهمتها فإذا ارتكبت الجريمة بمناسبة ممارسة نشاطها فان الذي يجرم هو فعل المشرفون عليه لا الشخص المعنوي نفسه فالدولة مثلا لايمكن أن تتابع جنائيا لان نشاطها لا يتوقف على الإجرام كوسيلة لتحقيق ذلك النشاط وإنما تجرم أفعال أعوانها وموظفيها إلا أن هذه الحجة انهارت أمام التطور الذي اظهر الشخص المعنوي إلى الوجود وكشف عن أنواع جديدة من الجرائم لأنه لايمكن أن يسعى قاصرا عن ابتكار عقوبات مناسبة لها

الفصل الثاني صور المسؤولية الجنائية
المبحث الاول المسؤولة الناقصة او المخففة
هناك حالات تنحرف فيها القوى الذهنية للفاعل دون حد فقدان التمييز او الاختيار ولكن الى حد تمتنع معه الأهلية الجنائية مما يثير مسالة التكييف القانوني للواقعة غير المشروعة الصادرة من ناقص الاهلية وبالتالي تحديد نوع المسؤولية الجنائية التي يخضع لها هؤلاء فهناك من يرى بان انطواء الارادة على عيب ينتابها لا يمنع من قيام الركن المعنوي للجريمة فنقص الاهلية بسبب نقص الادراك او الاختيار يستتبعه نقص في درجة العمد او الخطأ كأساس لاستحقاق العقاب لذلك فمن العدل لا يسأل الجاني ناقص الاهلية الا مسؤولية مخففة يقدرها المشرع او القاضي بحسب الاحوال وتعتبر المسؤولية التامة وللامسؤولية وتحتل منزلة وسط بينهما
المطلب الثاني المسؤولية المفترضة
نكون امام المسؤولية المفترضة او المسؤولية الموضوعية ما دام الركن المعنوي للجريمة يفترض وجود قصد جنائي آثم لدى الجاني يأخد أحد صورتين العمد والخطأ غير العمدي وان يتوافر هذا القصد الجنائي في اللحظة التي يباشر فيها الجاني ارتكابه لتصرف غير مشروع مما يجعل بالامكان خضوعه للمسؤولية الجنائية والعقاب في الحالات التي يحددها القانون وهناك راي في الفقه وجد ان انتفاء القصد الجنائي الآثم لدى الجاني لا يحول دون قيام المسؤولية الجنائية في بعض الجرائم وذلك لان الركن المعنوي انما يشترط لنوع معين من الجرائم هي التي تنطوي على الاهمال وعدم التحرر دون الجرائم التهديدية التي ينشاها نظام التجريم القانوني وتطبيقا للراي السابق فاننا اللامكان مسائلة الجاني في الحالة السابقة مادام هناك وجود لرابطة السببية المادية بين فعله والنتيجة الواقعة طبقا للمسؤولية المفترضة أو الموضوعية   كما ان اوضح معالم المسؤولية المفترضة تبدو في حالة الغيبوبة الناشئة عن تناول مواد محددة أو مسكرة
الفصل الثالث أسباب الاباحة و التبرير . موانع المسؤولية و موانع العقاب
علة الاباحة و أساسها
ان الأحكام تدور مع علتها وجودا و عدما فلكل جريمة علة هي الأساس في تجريم الفعل المكون لها و ادا انتفت انتفت معها الجريمة فمثلا علة تجريم السرقة تتمثل في حماية حق الإنسان في المحافظة على أمولاه منقولة كانت عقارية من أي عدوان يقع عليها فادا انتفت علة التجريم بأن خلت السرقة من العدوان كما ادا ثبت أن الأموال المسروقة هي ملك للسارق هنا يمكن القول ان العلة تتوفر ادا انتفت علة التجريم و يرى بعض الفقه أن أساس الاباحة في الفقه الاسلامي هي قاعدة مشهورة " الضرورات تبيح المحظورات" لأن الشريعة توجب على المرء أ ن لا يلقي بنفسه الى التهلكة و في الواقع ان تاسيس الا باحة على ترجيح مصلحة على أخرى و لعلة تتمثل في انتفاء علة التجريم يختلف عن تأسيسها على حالة الضرورة لان ارتكاب الفعل في حالة ضرورة ملجئة لا يمحو عن الفعل صفة الجريمة عنه انتفاء علة التجريم
مصادرالاباحة
ان النصوص التشريعية هي المصدر الاساسي للاباحة ومع ذلك يمكن القول ان للمصادر غير التشريعية دورا في مجال غالاباحة مرتبطا بدورها المحدود وقيمتها في نطاق المواد الجنائية فلاصل هو الا جرمة ولا عقوبة الا بنص لذا يمكن الاعتماد على العرف في استخلاص بعض اسباب الباحة مثل اللعاب الريضية وممارسة غير الاطباء لبعض انواع الاعمال الطبية كمهنة صانع الاسنان او القيام بعملية الختان او تنظيف الجروح واعطاء الحقن العضلبة وهذه انواع من الجراحة الصغرى ويرى بعض الفقه انه يمكن استعمال القياس في نصوص الاباحة لان القياس في حالات الاباحة امر يقضي المنطق.ويضرب مثالا لذلك كالشخص الذي يتعرض لاعتداء وشيك الوقوع على نفسه فيقاومه ويدفعه عن طريق غير قتل المعتدي او جرحه او ضربه كان يدفعه باتلاف سلاح المعتدي او حبسه الوقت الكافي لحضور الشرطة فالقول بخطر القياس هنا معناه وقوع المدافع تحي طائلة العقاب كما لو كان في ظروف عادية في حين انه لاعقوبة عليه مطلقا اذا هو قتل المعتدي او جرحه او ضربه ويضيف الاستاد عبد الله خضر ان نتيجة شادة لهذه النصوص ادا كانت تسمح بالدفاع الشرعي بافعال (جسيمة) فانها تسمح بالدفاع بافعال اقل جسامة
المبحث الاول اساس الاباحة او التبريرطبقا لمقتضيات الفل 124
عرف الفقه اسباب الاباحة بانها"رخص قانونية تبيح او تبرر لمن توافرت لديه ان يرتكب فعلا او تركا جرمه المشرع الجنائي في نص من النصوص "
اذن يمكن القول ان انتفاء هذه   الاسباب شرط ضروري لقبام الركن القانوني في أي جريمة لان الفعل أو الامتناع حتى ولو وصفه المشرع الجنائي وصفا جنائيا فلا يمكن المسائلة عن والمعاقبة عليه بالتالي اذا قام لدى الفاعل احد الاسباب التي تبيح ارتكابه له فمثلا المشرع جرم الاعتداء على سلامة الجسم عمدا وذلك في الفصول (400 الى 403 ) والغية هي المحافظة على السلامة البدنية للاشخاص باعتبارها حقا طبيعيا لكن اذا هدد مرض من الامراض هذه السلامة او حياة المريض ذاتها فانه يباح للطبيب القيام بالعمليات الجراحية كبتر احد اعضاء المريض لكونه مصابا بداء السرطان وتوفر العمد لدى الطبيب ولو انها مجرمة بنصوص قانونية لان الطبيب في هذه الحالة يحاول بها تحقيق مصلحة اولى بالرعاية وهي المحافظة على حيات المريض اوسلامته الجسدية وقد تعرض المشرع الجنائي المغربي لآثر الاباحة ولبعض صورها في فصل 124 و125 كما اوضح من نص الفصل 124 السابق ذكره في الفقرة السابقة يتبين انها اشترطت لتوافر الاباحة شرطين الاول ان يكون الفعل قد اوجبه القانون والثاني ان تامر به السلطة الشرعية وقد تناولت حاللة الضرورة الى جانب ارتكاب الجريمة وحالة الدفاع الشرعي .
المطلب الاول تنفبد أوامر القانون
ان تنفيد امر اقانون يعتبر قياما بواجب يبرر ارتكاب مختلف الافعال التي اعتبرها المشرع جريمة من الجرائم وعاقب على اتينها فمثلا ضابط الشرطة القضائية أو قاضي التحقيق لما يقومان بواجبهما في اطار الاختصاصات المخولة لهما فيترتب على ذلك انتهاك لحصانة منزل من المنازل أو المساس بحرية شخص من الاشخاص فانهما لايعاقبان لان فعلهما لا يعد جريمة ولانهما نفذا ما امر به القانون لكن المطلوب هنا هو ان تكون الاجراءات التي بوشرت من طرفهما اثناء القبام بذلك قد احترمت فيها الضمانات التي يقررها القانون صيانة لحرمات المساكن ولحريات الافراد وحقوق الانسان.
الفقرة الاولى المقصود بأمر القانون
بالنسبة لتحديد المقصود بأمر القانون يلزم توضيح مسألتين هامتين 
اولا انه لايقصد بامر القانون الحلة التي يوجب فيها المشرع في نص صريح فعل شئ أو الامتناع عن فعله فقط وانما يمتد ليشمل الحالة التي يجيز أو يبيح فيها اتيان الفعل أو الترك دون الزام بذلك فمثلا من شهد شخصا يسرق فقام بالقبض عليه وسلمه الى مركز الشرطة او للنيابة العامة فهذا الشخص العادي الذي قام بهذا العمل لايعتبر ذلك واجبا عليه قانونا لانه غير مكلف بالقاء القبض على المجرمين وانما مرخص له بذلك فقط فان هو فعل فلا يكون معتديا على حرية احد لانه امتثل للاكر الضمني للقانون ما دام هذا القانون قد اجاز له القاء القبض على المجرم المتلبس بالجرم المشهود
ثانيا كما انه لايقصد به تنفيذ الامر الذي يستفاد منه نص تشريعي صادر عن مجلس تشريعي مثلا وانما المقصود ان تفهم لفظة قانون بمعناه العام بحيث تشمل الامر المستفاد من القرارات الصادرة عن السلطات العمومية عموما فمثلا القرار الوزاري الذي يلزم الاطباء بالتبليغ او الاخبار عن كل حالة مرض معد تظهر لهم عند قبامهم بالكشف عن المرضى كحالة داء فقدان المناعة (السيدا او الادز) فعندما يقوم الطبيب بالتبليغ عن حالة معدية اكتشفها اثناء فحصه لمريض فان فعله هذا يكون مامورا بذلك قانونا ولايحتج عليه في هذه الحالة بكونه قد خرق واجب الالتزام بالسر المهني
الفقرة الثانية شروط التبرير في حالة تنفيذ هذا الامر
بالرجوع الى نص الفصل 124 من القانون الجنائي نجده في الفقرة الاولى
قد برر الفعل الفعل المكون لجريمة من الجرائم اذا كان القانون هو الذي اوجب هذا الفعل وبان تكون السلطة الشرعية قد أمرت به ومقتضى هذا وبحسب صياغة الفقرة السابقة ان امر القانون وحده لايكفي لقيام هذا السبب للتبريرالذي يتوقف على اجتماع شرطين أو عنصرين معا على الاقل ظاهريا –وهما امر القانون اولا وامر السلطة الشرعية ثانيا فان هما توافر معا انتهى الامر حيث يكون الفعل اذ ذاك مبررا بلا خلاف عملا بالنص السابق غير انه يطرح الاشكال عندما يتوافر احد العنصرين فقط دون الآخر كأ، يقوم أمر القانون دون أمر السلطة الشرعية أو اذنها او العكس ففي مثل هذه الحالات هل نكون أمام سبب تبرير أم لا؟   الواقع أنه على الرغم من ان ظاهر النص يتلب لقيامالتبرير في هذه الحالة اجتماع أمر القانون وأمر السلطة الشرعية معا فان الاكتفاء بامر القانون وحده يكون احيانا كثيرة كافيا لتوافر التبرير دون أمر السلطة الشرعية أما العكس فيبدو بأنه غير صحيح.
المطلب الثاني حالة الضرورة والقوة القاهرة
نص المشرع الجنائي المغربي في الفصل 124 على حالة الضرورة والقوة القاهرة حين قال
"لاجناية ولاجنحة ولامخالفة في الاحوال الآتية... حالة استحال عليه معها استحالة مادية اجتنابها وذلك لسبب خارجي لم يستطيع مقاومته".
اولا حالة الضرورة
يقصد بحالة الضرورة تلك الواقعة التي يرتكب فيها الشخص فعلا يجرمة القانون الجائي ادى بفس الغير او ماله ويكون الفعل مضطرا الى ارتكاب هدا الفعل المجرم بقصد المحافظة على حياته او ماله فمن يسرق من اجل سد الرمق حتى لايموت جوعا لايموت جوعا لايمكن ان يعامل على اساس انه سارق و كذلك الشخص الذي يتعرض لاعتداء فيضطر للدفاع عن ماله او شرفه فانه لايعتبر مجرما واساس مبدأ تبرير الفعل المرتكب تحت تأثير حالة الضرورة تنازعه في الفقه عدة اراء فهناك من يرى ان الشخص الذي يرتكب الجريمة تحت وطأة الضرورة يكون واقعا تحت تأثير الاكراه المعنوي وآخر يذهب الى انه لاتوجد اية فائدة في معاقبة شخص في هذه الحالة لانه غير مجرم اصلا حيث لاحاجة بالتالي الى اصلاحه بالعقاب وآخر يرى ان الاخذ بالضرورة يعلل على اساس دفع الضرر الاشد بالضرر الاخف على اعتبار ان المجتمع حين يتنازع حقان ليس من مصلحته عقاب من يحافظ على الحق الاهم او في الاقل المساوي للحق الذي وقعت التضحية به
أ _شروط تبرير الفعل المجرم
أ_ان يكون الخطر جسيما وحالا يهدد النفس او المال
يجب ان يكون الخطر جسيما وحالا يهدد النفس او المال ووجود الخطر ومدى جسامته امر (واقع) يرجع في شأنه الى القضاء الذي ينظر الدعوى ويأخد بعين الاعتبار ظروف الجاني الجسيمة والنفسية الصحية والاجتماعية والثافية
ويكون الخطر الجسيم حالا او قائما اذا كان محققا ووشيك الوقوع اما اذا كان قد اصبح متجاوزا ولم يعد يخشى منه أي خطر فلا مجال للتذرع بحالة الضرورة بعد ان زالت لارتكاب الجريمة وليعتبر الخطر الجسيم والحال من الاسباب المبررة فلابد من ان يهدد النفس او المال فالامر سواء
ب_ان لايكون الخطر مشروعا
فاذا كان التعرض للخطر مما يوجبه القانون على الشخص فلا يمكن والحالة هذه قبول ادعائه بانه تجنب الخطر لوجود في حالة ضرورة فالجندي الذي يفر من وجه العدو اثناء المعركة او يؤذي نفسه كأن يضرب رجله برصاصة حتى يدخل الى المستشفى ولا يواجه العدو فانه لايقبل منه التذرع بحالة الضرورة في سبيل انقاذ حياته لان القانون يامره بمواجهة العدو بصلابة وتفان واخلاص ولو ادى الامر الى انهاء حياته
ج_ان لايكون فاعل الجريمة هو المتسبب في الخطر
اذا كان الفاعل هو المسبب في الخطر تكون حالة الضرورة منتفية تماما فمن يضرم النار في بيته لا يجوز له ان يرتكب جريمة بقصد المحافظة على نفسه او امواله اذا هو لم يستطع السيطرة على هذه النيران اما اذا كان الخطر لم ينشا عن خطأ مقصود من طرف الفاعل فان له ان يتذرع لحالة الضرورة للارتكاب الجريمة كمن تنفجر في بيته قنينة الغاز فيضطر للخروج عاريا بدون ملابس لايعتبر مرتكبا لجريمة الاخلال العلني بالحياء لبيت الغير للاحتماء من النيران لايعتبر منتهكا لحرمة هذا المنزل
د_ ان تكون الجريمة هي الوسيلة اوحيدة اتجنب الضرر الناجم عن الخطر
يجب الا يكون في امكان مدعى الضرورة اللجوء الى اية وسيلة اخرى تغني عن ارتكاب الجريمة ولم يتم اللجوء اليها ابتداء فانه يعتبر مرتكبا لجريمة غير مبررة كذا يلزم ان تكون الجريمة هي الوسيلة الوحيدة لتجنب الضرر الناجم عن الخطر الذي هدد الشخص حتى يكون ارتكاب الجريمة مبررا
ه_ يلزم ان يكون ما وقع التضحية به عن طريق ارتكاب الجريمة دون ما استهدف المحافظة عليه من حيث القيمة او على الاقل يكون مساويا له والا ما قامت حالة الضرورة التي تبررارتكاب الجريمة ومثال ذلك من يضحي بحياة انسلن قصد انقاذ منزله من النيران حيث لاتتوفر هنا حالة الضرورة والربان الذي يرى ان المركب يوشك ان يغرق من الثقل فيرمي ببعض الاشخاص في البحر لايعتبر في حالة ضرورة لانه كان بامكانه ان يلقي البضائع المشحونة في البحر من اجل انقاد السفينة ففي هذه الحالة يكون فعله مبررا اما في الحالة الاولى فلا يكون فعله مبررا
ثانيا القوة القاهرة
عبر المشرع المغربي عن القوة القاهرة بالحالة التي يستحيل معها على الفاعل ماديا اجتناب الفعل بسبب خارجي لم يستطع مقاومته بحيث لم يستعمل مصطلح القوة القاهرة ويستعمل احيانا مصطلح "الاكراه المادي" او" الحادث الفجائي"او "القوة الغالبة" بدل مصطلح القوة القاهرة وكلها تفيد معنى واحد هو ان الشخص لم يستطع مقاومة السبب الخارجي عنه والذي ألجأه الى ارتكاب الجريمة ومثال ذلك الشخص الذي يستدعي قضائيا لاداء الشهادة لكنه لا يحضر لا لانه لم يرغب في ادائها ولكن بسبب سقوط الثلوج التي ادت الى قطع المواصلات حيث لايرتكب اية جريمة لان واقعة قطع الطريق بسبب تساقط الثلوج تشكل بالنسبة اليه قوة قاهرة وهي سبب تبرير وتجدر الملاحظة الى ان المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 124 لم يشر الا لاستحالة الدفع كشرط في القوة القاهرة دون اشتراطه لاستحالة التوفع فيها كما فعل المشرع المدني في الفصل 269 من ق ل ع
المطلب الثالث الدفاع الشرعي
ان فكرة الدفاع الشرعي عرفت لدى اغلب التشريعات الوضعية وقد نص المشرع المغربي الجنائي عليها في الفقرة الاخيرة من الفصل 124 ما يلي " اذا كانت الجريمة قد استلزمتا ضرورة حالة الدفاع الشرعي عن نفس الفاعل او غيره او مال غيره بشرط ان يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء" فمن خلال هذه الفقرة يتبين انه لنكون امام حالة دفاع شرعي يجب توافر شروط هي وجود خطر وكونه حالا واقتصار الدفاع على الاعتداء وان يكون الاعتداء على النفس او المال
اولا وجود خطر اعتداء ضد نفس الشخص او غيره او ماله او مال الغير بمعنى ان الدفاع الشرعي يكون ضد اعتداء على النفس او المال أي ضد جريمة اما اذا كان الفعل الذي يتم به التهديد ليس جريمة كمأمور التنفيد الذي يحجز اموال المحكوم عليه فلا وجود للدفاع الشرعي وكذلك الامر بالنسبة للشرطي الذي يلقي القبض على الجاني والجندي الذي يتولى تنفيذ حكم الاعدام وفق الاجراءات القانونية فلا يمكن مقاومة هؤلاء الاشخاص بحجة الدفاع الشرعي لان الدفاع لايكون الا ضد المعتدي ومن يستعمل حقا او ينفذ القانون لا يعتبر معتديا الا لنه اذا كان الاعتداء نشأ الحق في الدفاع الشرعي ولو كان المعتدي غير مسؤول جنائيا كالصغير والمجنون ومن يتمع بعذر معف من المسؤولية ويكفي ان يعتقد المدافع وجود هذا الاعتداء ولو لم يكن موجودا في الواقع بشرط ان يبني اعتقاده على قرائن مقبولة
ثانيا يلتزم ان يكون الخطر حالا أي وشيك الوقوع بحيث لايكون امام المدافع وقت للالتجاء الى السلطة او حماية نفسه او الضحية من المعتدي بوسيلة اخرى وبما انه لا يكون هناك دفاع شرعي قبل الاعتداء بمدة طويلة كذلك الامر بعد انتهاء الجاني من تنفيذ الجريمة لا بيقى للضحية او غيره حق في الدفاع لانه يعتبر انتقاما
ثالثا   ان يكون فعل الدفع متناسبا مع الاعتداء يجب ان يقتصر الدفاع على القدر الضروري لدفع الاعتداء وهذا الشرط مؤداه ان لا يغالي المدافع فيلحق بالمعتدي اضرار تتجاوز خطر الاعتداء الذي كان مهددا به فمثلا الشروع في الاعتداء على المال لا يناسبه الدفاع بالقتل والمحكمة هي التي تقدر فيما اذا كان هناك تناسب بين فعل الاعتداء وفعل المدافع ومراعاة الظروف المحيطة بكل ذلك
رابعا ضرورة ان يكون الاعتداء منصبا على النفس او على المال ومعنى هذا الدفاع الشرعي لا يتحقق عند رد الاعتداء على الشرف او الاعتبار لان مقتضيات الفصل 124 لا تشمل هذا النوع من الاعتداء الغير المرفق باعتداء مادي على شخص الضحية وهذا بتحقق في الحالتين التاليتين
-1الحالة التي ينعدم فيها الاعتداء المادي نهائيا كالسب والقذف
- 2حالة ممارسة الفعل المادي برضاء المعني بالامر (شرط ان يكون رضاء من يمارس عليه الفعل المادي معتدا به أي تام الإدراك والتمييز) هذا وفد تعرض الفصل 125 قانون جنائي لحالتين للدفاع الشرعي هما التاليتين
أ_القتل او الجرح او الضرب التي يرتكب ليلا لدفع تسلق او كسر حاجز او حائط او مدخل دار او منزل مسكون او ملحقاتهما
ب_ الجريمة التي ترتكب دفاعا عن نفس الفاعل او نفس غيره ضد مرتكب السرقة او النهب بالقوة
مما سبق نستنتج ان الشخص كلما وجد في حالة من الحالات التي أتى بها النص الوارد اعلاه واستعمل أي قدر من القوة في مواجهة العدوان فان على القاضي التسليم بان من رد العدوان كان في حالة دفاع شرعي صحيحة وان على من يدعي العكس ان يثبته
المبحث الثاني اسباب التبرير التي لم يتعرض المشرع في المادة 124
ان اسباب التبرير الواردة في الفصل 124 لم يقصد بها الحصر وانما الاشارة الى اهم هده الاسباب فقط خاصة وان بعض الوقائع التي تعتبر مبررة لافعال مكونة لجريمة من الجرائم ودون ان يكون المشرع قد بررها بعبارة صريحة وذلك كله قياسا على حالات مبررة واردة في القانون
المطلب الاول اسباب التبرير الناجمة عن استعمال الحق
من اشهر اسباب التبريرالناجمة عن استعمال الحق في الفقرات الموالية حق التاديب في افقرة الاولى وممارسة مهنة الطبيب في فقرة الثانية والحق في ممارسة الالعاب الرياضية في فقرة ثالثة
الفقرة الاولى حق التأديب
من اهم حالات استعمال حق التأديب تأديب الاب والام لابنائها وتأديب المعلم للتلميذ في المدرسة وتأديب الصانع لمتعلم الحرف وممارسة هدا الحق تقتضي المساس بسلامة جسم المؤدب ولا يعتبر مع ذلك هذا المساس جريمة معاقب عليها جنائيا وانما يعد فعلا مبررا الا ان حق التأديب هدا المخول للاباء ومن في حكمهم على الصغار لا يجوز اللجوء اليه من اجل التقويم والتهذيب أما ان هو تجاوز هذه الغاية واصبح العنف او الاذى الناجم عنه مقصودا لذاته وبعيدا عن المتوخاة منه التي هي التقويم والاصلاح كنا امام اساءة صادرة من المؤدب وهي التعسف في استعماله لهذا الحق مما يوجب مسائلته جنائيا فاذا تجاوز الوالد حدود التأديب الباح حق عليه العقاب المقرر لجريمة الضرب العمد
الفقرة الثانية حق ممارسة مهنة الطب
ان مهنة الطبيب تتمثل في كل ممارسة او مشاركة بصفة عادية او بتدبير منتظم في مغلجة امراض او اصابات جراحية وفي مزاولة مهنة جراحية الاسنان او التوليد والمداواة بالاشعة والتحاليل المخبرية وتجيز مهنة الطبيب لصاحبها اتيان اعمال تعد بحد ذاتها جرائم كما في حالة الطبيب الجراح الذي يشق جسم المريض لاستئصال الورم منه او اخذ جزء من الكبد لاجراء فحوص طبية او الطبيب الذي يصف للمريض وصفة طبية تشتمل مواد سامة او ممنوعة المريض من استعمالها بسبب اصابته مثلا بمرض السكر فهذه الافعال تعتبر مبررة حتى في حالة ما اذا نتجت عنها نتائج خطيرة كوفاة المريض او حدوث عجز له ولكن ومع ذلك فالطبيب ملزم بممارسة مهنة الطب وفق التشريعات الطبية واعراف المهنة الواجب مراعاتها فلا يسمح بالالتجاء الى الوسائل التضليلية للمريض بقصد اقناعه باجراء عملية جراحية مثلا او تناول بعض الادوية
الفقرة الثالثة الحق في ممارسة الالعاب الرياضية
طبيعي ان من حق كل انسان ان يمارس النوع المفضل لديه من انواع الالعاب الرياضية غير ان ممارسة بعض هذه الانواع من الرياضات تتطلب استعمال العنف من طرف المتنافسين كل في مواجهة الآخر كما هو الشأن بالنسبة للمصارعة والملاكمة وغيرها وبديهي ان لايعتبر العنف او الاذى فعلا مجرما ولو انه يمس بالسلامة الجسدية للمتبارين وتجدر الملاحظة ان تبادل الاذى واستعمال العنف اذا كان في حالة الالعاب الرياضية وهي حالة خاصة مباحة احتراما وصيانة للحق المخول لكل شخص في ان يمارس الرياضة التي يشاء فان ذلك مشروط بشرط ان يكون نوع الرياضة معترف به قانونا كما يجب ان تكون القواعد التي ينبغي على اللاعب الممارس اتباعها واحترامها منظمة وواضحة حتى لاتشكل ممارسة أي نوع من الرياضة خطرا على احد
الاباحة وموانع المسؤلية ومانع العقاب
مفهوم ان اسباب الاباحة ذات طبيعة موضوعية يترتب على توافرها رفع صفة الجريمة عن الفعل نظرا لاقترافه في ظروف خاصة لا يصح معها تبيق نصوص التجريم ولذلك يسميها البعض بحالت المشروعية الاستثنائية تمييزا لها عن المشروعية العادية التي تستند الى عدم وقوع النشاط تحت طائلة نصوص الجريم اما بالنسبة لموانع المسؤولية الجنائية فهي امور ذات طبيعة شخصية لانها تصيب الشخص في ارادته فتعيبها او تعدمها مما يمكن القول معه ان اسباب الاباحة ترجع الى ظروف خارجة عن شخص الفاعل بخلاف موانع المسؤولية التي ترج الى عوامل داخلية تتعلق بالادراك والارادة وما تصاب به من نقص او انعدام اما موانع العقاب فهي امور تطرأ بعد اكتمال عناصر المسؤولية الجنائية من الناحيتين المادية والمعنوية وترتب على توافر امتناع العقاب حيث يؤثر المجتمع ذلك لتحقيق فوائد معينة لذلك من اسباب امتناع العقاب ما يهدف الى ايقاف النشاط الاجرامي وعدم استرسال المجرم في اكمال جريمته ومنها ما يهدف الى تشجيع المجرم على التخفيف من الآثار المترتبة على جريمة او محاولة ازالة هذه الآثار نهائيا واصلاح الاضرار المترتبة عليها ومن امثلة احوال امتناع العقاب من التشريعات الحديثة ومنها التشريع المغربي كالشاب الذي يختطف قاصرة من اجل ان يتزوج بها ويتزوج بها بالفعل فان هذا الزواج يعتبر مانعا من العقوبة ولا يمكن للنيابة العامة ان تتحرك من اجل المتابعة الا اذا تقدم بشكاية ولي امر الفتاة القاصر وصدر حكم بابطال الزواج من المحكمة   وتمتنع النيابة العامة من المتابعة اذا كانت الجريمة تتعلق بخيانة زوجة فالمتابعة هنا تتوقع على تقديم الشكاية من الزوج اذا كانت الزوجة هي التي ارتكبت جريمة الخيانة الزوجية او العكس اذا كان الزوج هو الذي ارتكب هذه الجريمة فالشكاية هنا تعتبر مانعا قانونيا للنيابة من رفع الدعوة العمومية ما عدا في الحالة التي يكون فيها الزوج مثلا يشتغل خاج المغرب وزوجته تمارس الخيانة بشكل علني او تضبط متلبسة بهذه الجريمة أنداك تتدخل النيبة العامة لان حالة التلبس ازالت المانع وهو ضرورة تقديم شكاية من الزوج لانه هو المعني بالامر ومن الآثار المترتبة على التفرقة بين اسباب الاباحة   وموانع المسؤولية ومانع العقاب ما يلي
اولا ان سبب الاباحة يمحو صفة الجريمة عن الفعل ويجعله كأن لم يكن ولا يترتب على وقوع الفعل اية آثار جنائية اما موانع المسؤولية وموانع العقاب فلا يترتب مثل هذا الاثر وانما تحول فقط دون تطبيق النص على من قام لديه سبب مانع من العقاب من غير ان تمنع ترتيب آثار اخرى
ثانيا ان المساهم التبعي "الشريك" في حالة الاباحة ولايعد شريكا في جريمة وان كان من ان تتعلق الاباحة بالفاعل دون الشريك او العكس لتوقف الامر على حسن النية فقد يتوافر حسن النية لدى الفاعل دون الشريك او العكس وفي واقع الامر الساهم التبعي (الشريك) لايستفيذ بصفة تبعية قيام حالة الاباحة وانتفاء العدوان لدى الفاعل ونما بصفة اصلية لقيام حالة الاباحة بالنسبة له ايضا وانتفاء العدوان اما المساهم التبعي في حالات امتناع المسؤولية اوالعقاب فانه فمثلا الشريك في جريمة الخيانة الزوجية عندما يسحب الزوج الشكاية لصالح زوجته فان شريكها لايستفيد من هذا السحب ويبقى متابعا بالجريمة التي ارتكبها وهي جريمة الخيانة الزوجية وبنفس الوصف
ثالثا تكون الخطورة الاجرامية منعدمة في احوال الاباحة بينما تتوافر في حالات موانع العقاب وموانع المسؤولية وهو ما يخول القاضي قياسيا بالطرق العلمية مستعينا بالضوابط الارشادية التي قد يمده بها التشريع من اجل تقرير بعض التدابير الوقائية الملائمة لمواجهة هذه الخطورة اذن فاسباب امتناع المسؤولية او امتناع العقاب تحول دون توقيع العقوبات التقليدية فحسب دون التدابير الوقائية
رابعا لايترتب على اسباب الاباحة اية مسؤولية جنائية او مدنية بينما يمكن الحكم بالتعويض على من قام لديه سبب من اسباب من اسباب امتناع المسؤولية او امتناع العقاب بمعنى ان الصبي غير المميز والذي لا يسال جنائيا تنظم التشريعات المدنية كيفية الحصول على التعويض منه فاذا لم يكن هناك من هو مسؤول عنه او تعذر الحصول على التعويض من المسؤول فان الحكم بالتعويض يكون على الصغير كما هو الشأن في القانون المصري اما التشريع المدني المغربي فان القاصر عديم التمييز لايسال مدنيا عن الضرر الحال بفعله ويطبق نفس الحكم على فاقد العقل بالنسبة الى الافعال الحاصلة في حالة جنونية وبالعكس من ذلك يسال القاصر عن الضرر الحاصل بفعله اذا كان له من التمييز الدرجة الازمة لتقدير نتائج اعماله
اثــــــــــــــــــــر الاباحــــــــة
يختلف أثر الاباحة بالنسبة لكل حالة من حالات الاباحة فكل واحدة لها شروطها الخاصة التي لابد من توافرها لكي ترتب الاباحة اثرها وتنمثلهذه الآثار في اخراج الفعل من نطاق التجريم واعتباره مشروعا وينظر في هده الحالة الى الفعل في ذاته لا الى الشخص وادراكه او ارادته الا انه قد تختل شروط الاباحة في حالة من الحالات كاختلال شروط اللزوم او شرط التناسب في احدى حالات الدفاع الشرعي وفي هذه الحالة تنتفي الاباحة ويخضع الفعل للتجريم وتقوم مسؤولية الشخص جنائيا وان كان القاضي قي هذه الحالة ينظر في مدى توافر الركن المعنوي وهل يسأل الشخص عن جريمة عمدية ام غير عمدية ففي حالة تجاوز حدود الدفاع الشرعي حيث يكون للمحكمة ان تسأل الشخص عن جريمة عمدية مسؤولة كاملة اذا ما انتفت الاباحة وتحولت الى حالة انتقام كما يمكنها ان تاخده باسباب الرأفة وتفف الجزاء ولها ان تعتبره مسؤولا عن جريمة خطيئة الا انه عندما يتأكد القاضي من تخلف الركن المعنوي للجريمة بانتفلء القصد الجنائي والخطأ غير العمدي ففي هذه الحالة يكون الفعل غير مشروع ولكن مرتكبه يكون غير مسؤول عنه كأن يتجاوز المدافع حدود الفعل غير مشروع ولكن مرتكبه يكون غير مسؤول عنه كأن يتجاوز المدافع حدود حقه في الدفاع الشرعي ويثبت للقاضي ان هذا التجاوز وليد الاضراب ودقة الموقف اللذين بلعا حدا أزال كل سيطرة على الارادة فهو غير مسؤول في هذه الحالة عن فعله ولامحل لتوقيع عقاب عليه ويمكن ملاحظة ان امتناع اعقاب في حالة التجاوز الاخيرة لايرجع اساسه الى الاباحة وانما الى انتفاء الارادة او حرية الاختيار بسبب دقة الموقف حيث تنعدم قدرة الشخص على توجيه نفسه الى اتيان فعل معين او الاحجام عن عمل معين ففي مثل هذه الحالة ينتفي احد عنصري المسوؤولية الجنائية التي تقوم بتوافر الادراك وحرية الاختيار
الباب الثالث العقوبة والتدابير الوقائية
الفصل الاول العقـــــــــــوبــــــــــة
يترتب على ارتكاب جريمة ما عدة آثار اهمها العقوبة وان كانت بانها جزاء تقويمي ما دامت تمس الشخص في اغتباره وشرفه لذا تتدرج من حيث الجسامة حسب خطورة المجرم من الناحية النفسية وتبعا لدرجة خطيئته ويتحقق هدف التقويم عن طريق الاشغال الشاقة والسجن او الحبس او الاعتقال والغرامة في التشريع الجنائي المغربي وتجدر الاشارة الى ان العقوبة ليس من طبيعتها ان تعيد التوازن الى المصالح التي اخل بها السلوك الاجرامي وانما تتولى اصلاح المجرم وتأهيله بهدف حماية المجتمع كما ان هناك عدة اراء ونظريات حول فلسفة العقوبة وغايتها وشرعيتها وتختلف في تعليلها بالتفكير او التخويف او الاصلاح   وتتصف العقوبة بمميزات او خصائص فهي قانونية او شرعية شخصية تتصف المساواة القضائية  أولا قانونية أو شرعية
تعتبر العقوبة قانونية او شرعية لانها تكون محددة بنصوص تشؤيعية من حيث الكيف و النوع و تنشر ليطلع عليها المجتمع بكامله فتصبح معلومة و بالتالي ملزمة و هدا ما يعبر عنه بالتجريم و العقاب أو بمبدا لا جريمة و لا عقوبة الا بنص و يستفاد من شرعية العقوبة ان انواعها يحددها المشرع على سبيل الحصر كما ان القوانين الجنائية الحديثة اخدت تتجه نحو اقرار انظمة عقابية مرنة تخضع للجريمة الواحدة اما عقوبة واحدة او عقوبتين يختار القاضي بينهما و حدين للعقوبة ادنى و اقصى   و لا يتناقص تحديد العقوبة و شرعيتها من طرف المشرع مع تدخل السلطة او تدخل الادارة من اجل تشخيص العقاب و انما يمكن ان تتدخل هده الجهات لجعل العقوبة تفي باغراضها التقويمية في الحدود المسموح لها بها قانونا
ثانيا شخصية
بمعنى ان العقوبة تسري في حق المذنب  مرتكب الجريمة و لا تمس اشخاص اسرته او عائلته او اقربائه او جيرانه و قال الله تعالى في كتابه الكريم " ولا تزر وازرة وزر اخرى"
و قد حدد القانون الجنائي المغربي شخصية العقوبة في الفصل 132 و الاستثناء الوارد في هدا الفصل لا يطبق عمليا الا على الغرامات التي تقرر بعض النصوص القليلة التضامن بشانها بين مقترف   الجريمة و بين بعض   افراد اسرته كالوالدين او الزوجة او المشغل و المساهم او الشريك في نفس الجناية او الجنحة او المخالفة
ثالثا المساواة
 يتساو الناس امام القضاء في تحمل العقوبات فالقانون الجنائي يعامل الناس و يحملهم المسؤلية بحسب الدنب الدي يرتكبونه و النصوص القانونية تتصف بصفة التجريد و العموم دائما سواء كانت جنائية او غير جنائية الا انه عمليا نجد ان المساواة صعب تحقيقها خاصة بالنسبة لتحمل العقوبة حيث تفقد توازنها بحيث ان السجن مثلا يحدث الاما متفاوتة حسب صفة ووضعية الشخص المدنب و تعتبر الغرامة اصعب العقوبات اخضاعا للمساواة و مرد دلك اما ثروة المحكوم عليه او صفة الفاعل في بعض الجرائم كالموضف او الخادم تؤثر في المساواة فتشدد العقوبة على مجرم دون اخر من اجل نفس الجريمة
رابعا كونها قضائية
لا يمكن العقاب على الجرائم الا بواسطة القضاء لان تدخله يعتبر اكبر ضمانة لحرية الافراد و الجماعة الى جانب الضمانات الاخرى كالشرعية في العقوبة و مبدا الشخصية و مبدا المساواة هدا مع العلم ان مبدا القضائية يجد سنده في ان الجريمة هي واقعة جنائية تنشا حق الدولة في العقاب و تخلق رابطة قانونية لا بين الجاني او الضحية و انما ايضا بين الدولة كشخص معنوي و بين الجاني و من تم وجب تدخل القضاء لفض النزاع بين المتهم و الدولة
المبحث الاول انواع العقوبات و تصنيفها
ييقرر القانون المغربي انواع العقوبات ودلك بالنص عليهاا صراحة الفصول 16 17 18 36 لدا لا يمكن معاقبة أي فرد بغير تلك العقوبات الفصل 3 اما تصنيف العقوبات فيؤخد فيه بعين الاعتبار مدى جسامتها و خطورتها فهي اما
اولا جنائية او جنحية او ضبطية
فالعقوبات المقررة للجنايات تسمى عقوبات جنائية و العقوبات المقررة للجنح التاديبية و الظبطية عقوبات جنحية و العقوبات الخاصة بالمخالفات تسمى ظبطية الفصل 15
ثانيا اصلية و اضافية
تكون اصلية عندما يسوغ الحكم بها وحدها دون ان تضاف الى عقوبة اخرى و تكون اضافية عندما لا يسوغ الحكم بها وحدها او عندما تكون ناتجة عن الحكم لعقوبة اصلية
المطلب الاول  العقوبات الاصلية
اولا العقوبات الجنائية الاصلية
نص عليها الفصل 16 من ق ج م   وهي المقررة للجنايات و هي التالية الاعدام السجن المؤبد السجن المؤقت من 5 سنوات الى 30 سنة الاقامة الجبرية التجريد من الحقوق الوطنية و عقوبة الاعدام و السجن المؤبد لا تحتمل التدرج فهي تطبق كما هي دون حاجة الى التعديل اما العقوبات المؤقتة فهي تتراوح بين حدين 5 سنوات و ثلاثين سنة بالنسبة للجنايات او شهر و خمس سنوات بالنسبة للجنح و يحق للقاضي ان يستعمل سلطته التقديرية في تفريد العقوبة و تشخيصها حسب ضروف الجريمة و شخصية الجاني
ثانيا العقوبات الجنحية الاصلية
نص عليها الفصل 17 من ق ج م و تتمثل في الحبس و الغرامة التي تتجاوز 120 درهم و اقل مدة للحبس شهر و اقصاها 5 سنوات و يستثنى من دلك حالة العود او غيرها التي يحدد فيها القانون مددا اخرى ثم الغرامة التي تتجاوز 1200 درهم
ثالثا العقوبات الضبطية الاصلية
وردت في الفصل 18 من القانون الجنائي و حددها في عقوبتين و هما الاعتقال لمدة تقل عن شهر و الغرامة من 100 الى 200 درهم و كما سبقت الاشارة فان المشرع اخد بمعيار العقوبة للتمييز بين انواع الجرائم لذا يكفي الجوع الى النص القانوني الدي يعاقب على الجريمة لمعرفة هدا النوع من الجريمة و خطورتها و يجب الا يحكم الا بالعقوبات المالية المقررة قانونا بالشكل تطالب به النيابة العامة و يشملها العفو و تسقط بالتقادم في المواد الجنائية كما يمكن معها الوقف بتنفيد الحكم وقد تعرض المشرع المغربي للاحكام العامة المتعلقة بالعقوبات في الفصول 19 و 60 اما تفريد الجزاء الجنائي و تشخيصة فان المشرع المغربي منح القاضي سلطة تقديرية يستطيع ان يكيف و يحدد بها العقوبات المناسبة
المبحث الثاني تنفيد العقوبة و   الاسباب المؤثرة فيها
المطلب الاول تنفيد العقوبة
يعتبر تنفيد العقوبة من موضوعات المسطرة الجنائية لدلك نقتصر هنا على الاشارة الى الفصول المتعلقة بهدا التنفيد سواء كانت في القانون الجنائي او في المسطرة الجنائية دون ان نتير أي تعليق عليها لان دلك سيتم في مادة المسطرة الجنائية
المطلب الثاني الاسباب المؤثرة في تنفيد العقوبة
حددها الفصل 49 من القانون الجنائي في 8 اسباب هي التي تؤثر على تنفيد العقوبة حيث يودي الى انقضائها او الاعفاء منها او ايقافها و هده الاسباب هي التي سنتناولها في النقط الموالية
1 موت المحكوم عليه
يضع موت المحكوم عليه حدا لتنفيد جميع العقوبات باستثناء الغرامة التي يبقى حق استفائها قائما في حدود التركة التي خلفها المحكوم عليه
2 العفو الشامل
يكون العفو شاملا ادا كان يتعلق بنوع معين من الجرائم او بنوع خاص من المحكوم عليهم و لا يكون هدا العفو الا بنص تشريعي
3 الغاء القانون الجنائي
انه حل تفرضه العدالة و التفسير الحديث للعقوبة و غاياتها فادا رفعت صفة الاجرام عن فعل ما فانه ليس من المنطق ان يبقى الشخص المحكوم عليه من اجل دلك الفعل بمقتضى القانون الملغي ملزما بتنفيد العقوبة لان اباحة الفعل يعني انه غير ضار بالمجتمع و ينعدم كل مبرر للعقاب عندما ينتفي هدا الضرر
4 العفو الخاص
يمنح هدا العفو لشخص معين يرد اسمه في الامر الصادر بالعفو يتميز هدا العفو الخاص عن العفو الشامل في كونه لا يتعلق باشخاص باسمائهم و انما يصدر لفائدة نوع من الجرائم او لفائدة اشخاص معينين باوصافهم كالعسكريين مثلا او المنتمين الى جماعة او هيئة معينة
5 التقادم
اخد المشرع المغربي بتقادم العقوبة في الفصول 688 من قانون المسطرة الجنائية الى 693 ولم يخرج عن   مبدأ تقادم العقوبة الا في نصوص نادرة جدا
6 وقف التنفيد
خول المشرع القاضي ان يأمر في الحكم الدي يصدره عدم تنفيد العقوبة على المحكوم عليه و دلك ادا رأى ان ادانة الجاني كافية لردعه و ان تنفيد العقوبة ربما اتى باثر مخالف خاصة عقوبة الحبس التي قد تفسد بعض المدنبين الدين ارتكبوا الجريمة عن عفوة ثم استيقظ ظميرهم و ندموا على ما فعلوه
7 الافراج الشرطي
يتمثل الافراج الشرطي في اطلاق سراح المحكوم عليه قبل الاوان نظرا لحسن سيرته في السجن على ان يظل مستقيم السيرة في المستقبل اما ادا تبث عليه سوء السلوك او اخل بالشروط التي حددها القرار للافراج المقيد فانه يعاد الى السجن ليتم تنفيد ما تبقى من عقوبته
8 الصلح
ان التنازل من طرف المتضرر او التصالح بشأنه بصفة عامة لا يؤثر على الدعوة العمومية فالأحرى تنفيد العقوبة و لكن في بعض الحالات القليلة جدا يسمح فيها القانون بالتصالح بعد صدور الحكم كما ان هدا التصالح الدي يتم بعد صدور الحكم لا يكون الا في الغرامة و هناك امكانية للمصالحة بالغرامة التي تجمع بين خصائص العقوبة و التعويض كالغرامات التي يحكم بها لمصالح الجمارك او المياه و الغابات
المطلب الثالث التدابير الاصلاحية
ان التدابير الحماية او التدابير الاصلاحية و التهديب كما يسميها القانون الجنائي هي نوع جديد من الجزاء و معالجة جرائم الاحداث اقرته التشريعات الجنائية الحديثة و الهدف منها اصلاح المجرمين في الطفولة و العناية بتربيتهم نظرا الى انهم في سن قابل للتوجيه و الارشاد لدلك فان تطبيقها غير مرتبط بالمسؤولية الجنائية وانما بعمر الجاني قبل كل شيء و تعتبر جنائية ادا طبقت على الحدث البالغ 12 عاما و لكن لا يمكن اعتبارها كدلك في حالة تطبيقها على الحدث الدي يقل عمره عن هدا السن لقيام مانع المسؤولية وهو انعدام التمييز لان غايتها هي اصلاح الحدث المنحرف وادا تجاوز الجاني 12 عاما جاز للمحكمة ان تعوض هد التدابير او تتممها بعقوبة سالبة للحرية او الغرامة وفي كل الاحوال لا يمكن للمحكمة ان تعوض التدابير الحماية و التهديب او تتممها بالحبس او ا لغرامة الا بصفة استثنائية و بمقتضى تعليل خاص اما ادا قررت هدا التعويض دون تعليل دلك باسباب خاصة ترجع الى ظروف ارتكاب الجريمة او شخصية الحدث فانها بدلك تكون قد خرقت القانون و تعرض حكمها للنقض و منصوص عليها في الفصل 516 و 518 من المسطرة الجنائية و على كل حال فان الحكم بهده التدابير يجب ان يكون لمدة محددة ون غير ان تتجاوز التاريخ الدي يبلغ فيه الحدث 18 سنة كاملة انطلاقا من المواد 514 الى 567 من قانون المسطرة الجنائية
·          
Haut du formulaire


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق