الزواج العرفي بين الشرع والقانون



1. المقدمه

الحمد لله الذي جعل بين الزوجين مودة ورحمة، والصلاة والسلام على خير هاد للبشرية جمعاء وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار.
1. إن عقد الزواج الكامل هو العقد الذي يقوم على أساس التكافل والرحمة والمودة يقول تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم/21). لكن الشارع الحكيم يم يترك هذه العلاقات من دون ضوابط ومحددات، بل فرض على الزوجين وعلى سائر أفراد الأسرة من الحقوق والواجبات المتبادلة لتحقيق السعادة والتماسك ولنبذ الشقاق والخلاف من شأنه تفكيك الأسرة.
إن الأحوال الشخصية في شريعتنا جاءت مفصلة الأحكام لأن معظمها مبني على مصلحة ثابتة لا تتغير، إلا أن مستجدات العصر متسارعة الظهور والنشوء والأنتشار، وكما هو معلوم في أصول الفقه أن النصوص متناهية والوقائع والمستجدات غير متناهية، والشارع الحكيم لم يفصّل الأحكام وذلك لفتح باب الأجتهاد وإعمال العقل في الأستنباط لما يجد من الحوادث المستجدة.
لذا، فإن الفقهاء اجتهدوا في مسائل الأحوال الشخصية، وعالجوا هذه المستجدات والمشكلات، معتمدين على الفهم الثاقب والعميق لروح النص ومقاصد الشريعة والمصلحة الشرعية المعتبرة، ولخطورة المسألة وحساسيتها وجدوا أنه من غير الممكن الخوض في الحكم عليها قبل أن يتصور حقيقتها – لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقول أهل الأصول ـ، ولا يمكن الحكم عليها قبل التحقق من موافقتها للأدلة الشرعية أو معارضتها لها في كثير من الفروع.
ولا شك أن الزواج العرفي بعد من تلك الوقائع والمستجدات الذي كرّس له حصة كبيرة من النظر والأجتهاد، ويعد هذا النوع من الأنكحة من أخطر الموضوعات المعاصرة في باب الزواج، وقد انتشر انتشارا واسعا بسبب تلاحق تشريعات الأحوال الشخصية وزيادة الألتزامات في الزواج الرسمي مما أدى إلى الهروب من الزواج الرسمي إلى الزواج العرفي، وكما هو معلوم أن هنالك من الأنكحة العرفية الدارجة في كثير من المناطق أنكحة باطلة لسريتها وخلوها من الشهود والولي، فلجهل كثير من الشباب والشابات في الشريعة نراهم ينزلقون إلى مثل هذه الأنكحة لتحقيق غرائزهم وأهوائهم، أو أن البعض الآخر يجد أن هذا الزواج أخف بكثير من حيث القيود والتي تجدها في الزواج الرسمي، مما يجعله بذلك مصطدما بقوانين الدولة التي تمنعه من الإقدام إلى مثل هذه الأنكحة، وتجبره على توثيق وتدوين زواجه في الدائرة الرسمية المعنية.
لذا سأحاول في هذا البحث المتواضع أن أتناول الجوانب المتعلقة في الزواج العرفي: الشرعية والقانونية والأجتماعية وصور في الخاتمة إلى التقويم المطلوب لهذا النوع من العقود.
أهداف البحث:
1) إلقاء الضوء على موضوع الزواج العرفي من الوجهة الشرعية والقانونية.
2) بيان موقف علماء الشريعة ورحال القانون والقضاء في موضوع الزواج العرفي والآثار والأحكام المترتبة عليه.
3) بيان سعة الشريعة – بنصوصها وقواعدها العامة القائمة على جلب المنافع ودرء المفاسد – في تقبل كل واقعة جديدة من أجل بيان حكمها لاسيما في زمان فسدت فيه الذمم، وتجرأ الناس على الدين.
سؤال البحث:
1) هل يمكن اعتبار ظاهرة انتشار الزواج العرفي كنازلة من النوازل المستجدة ضرورة عصرية ملحة تتوافق مع الضوابط الشرعية والقانونية.
2) في ضوء انتشار ظاهرة الزواج العرفي، فهل نجح في تجاوز مشكلات الزواج المعاصرة في الواقع العملي للأسرة المسلمة.
أهمية أختيار الموضوع:
أولا: تكمن أهمية موضوع البحث في كونها تتطرق إلى نازلة مستجدة تحتاج إلى بيان من علماء الشريعة والقانون.
ثانيا: يحاول البحث الوصول إلى آراء علماء الشريعة والقانون في هذه المسألة مع بيان الأبعاد والآثار المترتبة عليها.
ثالثا: يحاول البحث الكشف عن كيفية تعامل الهيئات التشريعية والقانونية فيما يخص هذه المسألة من خلال الدراسات الشرعية والقوانين الوضعية في باب الذي يخص الأحوال الشخصية.
رابعا: كون موضوع البحث – الزواج العرفي – يتطرق لمسألة مهمة وخطيرة يترتب عليها بنيان الأسرة التي هي أساس المجتمع المسلم.
أسباب اختيار الموضوع:
أولا: التوجيه السديد من قبل الدكتور – خالد محمود – في اختيار البحث.
ثانيا: الرغبة في التعرف على ما توصلت إليه قريحة علماء الشريعة والقانون في هذه المسألة وجمع ما تفرق في موضوع البحث بجوانبه المتعددة.
ثالثا: التعرف على الجوانب المشكلة في أنواع الزواج العرفي والتي قد ينجم عنها الوقوع في الحرام.
رابعا: إن الوقائع المستجدة تستدعي من أي باحث إجراء دراسة لبيان الحق فيها ودحض كل ما يشوبها من باطل.
خامسا: الرغبة في الموازنة بين الشرع والقانون فيما يخص الزواج العرفي، وبيان نقاط الألتقاء والأختلاف بينهما؟
سادسا: الرغبة في أن أقدم لنفسي أولا وللقارىء ثانيا دراسة نطلع من خلالها على الشرع في مثل هذه النازلة المستجدة في واقع المسلمين، وبمنهجية بحثية علّها جديدة.
منهجية البحث:
لقد وضعت نصب عيني منهجا للبحث أوجزه فيما يلي:
1) لقد أخذت على نفسي الرجوع إلى المراجع والمصادر المعتمدة في باب الأحوال الشخصية لاسيما فيما يخص مسألة الزواج العرفي من الناحية الشرعية والقانونية.
2) حرصت ما أمكن على هو البحث من الحشو والتكرار لاسيما فيما يتعلق بالأدلة والأقوال، إلا ما اضطررت إلية.
3) عزرت جميع الآيات والأحاديث النبوية إلى مظانها المعتبرة.
4) الفهارس أو المسارد: لقد ضمنت هذا البحث مجموعة من الفهارس تساعد القارىء على الرجوع إلى مبتغاه منها بيسر وسهولة، وهذه الفهارس هي:
أ‌. وضعت فهرسا الآيات القرآنية الواردة في سياق البحث، وقد رتبتها حسب وقوعها في القرآن الكريم، ذاكرا اسم السورة ورقم الآية، وأرقام صفحات ورودها في البحث.
ب‌. وضعت فهرسا للأحاديث الموجودة في المتن، ورتبته ترتيبا ألفبائيا وفق حروف المعجم.
ج‌. وضعت فهرسا للمصادر والمراجع المعتمدة في البحث، وقد صنفتها تصنيفا ألفبائيا وفق حروف المعجم، متقيدا في توثيقها بالطريقة الأسلوب المطروح في خطة الكلية.
د‌. التزمت في التوثيق الداخلي للمصادر والمراجع طريقة التوثيق ضمن متن البحث.
هـ. وضعت فهرسا لمحتويات البحث وموضوعاته، وقد رتبته حسب ما ورد في البحث مع ذكر أرقام الصفحات المقصودة، وذلك بدأ من المقدمة وحتى خاتمة البحث.
إن مسألة الزواج العرفي مسألة قد تعرض إلى بحثها الكثير من العلماء المعاصرين، وكانت لهم أبحاث ودراسات قيمة كان لها الأثر في بيان هذه المسألة من الوجهة الشرعية والقانونية، وإلقاء الضوء على الآثار المترتبة على هذا النوع من الزواج في هذا العصر، ومن أهم هذه الأبحاث والدراسات.

الأبحاث والدراسات السابقة:
1) بحث أجراه الدكتور هلال يوسف إبراهيم بعنوان: "أحكام الزواج العرفي".
2) خصص الدكتور أسامة عمر سليمان الأشقر في كتابه: "مستجدات فقهية في الزواج والطلاق" مبحثا مستقلا بيّن فيه حكم وآثار الزواج العرفي.
3) بحث أجراه المحامي كمال صالح البنا بعنوان: "الزواج العرفي ومنازعات البنوة".
4) بحث أجراه الدكتور حامد عبد الحليم الشريف بعنوان "الزواج العرفي".
خطة البحث:
قمت في تقسيم البحث إلى مقدمة وأربعة فصول وخاتمة عارضا فيها أهم النتائج التي توصلت إليها. وقد قسمت كل فصل إلى عدة مباحث هي كالآتي:
الفصل الأول: ثلاثة مباحث.
الفصل الثاني: ثلاثة مباحث.
الفصل الثالث: مبحثان.
الفصل الرابع: خمسة مباحث.
وقد جاءت خطة البحث مفصلة على النحو التالي:
المقدمة.
الفصل الأول: حقيقة الزواج العرفي.
المبحث الأول: التعريف بالزواج العرفي.
المطلب الأول: العرف في اللغة.
المطلب الثاني: العرف في الأصطلاح.
المطلب الثالث: تعريف الزواج العرفي باعتباره علما.
المطلب الرابع: السبب في تسمية الزواج بالعرفي.
المبحث الثاني: النظر في تاريخ توثيق عقود الزواج بالكتابة.
المبحث الثالث: الأسباب التي أدت إلى انتشار الزواج العرفي.


الفصل الثاني: موقف الشريعة من الزواج العرفي.
المبحث الأول: شروط صحة الزواج العرفي.
المطلب الأول: الشهادة على الزواج.
المطلب الثاني: اشتراط الولاية في زواج المرأة.
المبحث الثاني: مسميات عقود الزواج.
المبحث الثالث: الكيفية التي يتم بها عقد الزواج العرفي.

الفصل الثالث: وقف القوانين الوضعية من الزواج العرفي.
المبحث الأول: الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية.
المبحث الثاني: تسجيل الزواج والطرق في إسرائيل.

الفصل الرابع: الآثار المترتبة على الزواج العرفي.
المبحث الأول: حكم النسب في الزواج العرفي.
المبحث الثاني: الطلاق في الزواج العرفي.
المبحث الثالث: الحقوق المتبادلة بين الزوجين في الزواج العرفي.
المبحث الرابع: الآثار الاجتماعية للزواج لعرفي.
المبحث الخامس: كيفية الحد من انتشار الزواج العرفي.

الخاتمة.
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث النبوية.
قائمة المصادر والمراجع.
وفي ختام هذه المقدمة: أرجو من الله العظيم أن أكون قد وفقت فيما بذلت في إنجاز هذا البحث المتواضع، وأساله عز وجل أن يكتب لي القبول الحسن عنده وأن يجعله في خدمة شريعته وإعلاء كلمته.
وصلِِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
والحمد لله رب العلمين
























الفصل الأول

حقيقة الزواج العرفي

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: التعريف بالزواج العرفي.
المبحث الثاني: النظر في تاريخ توثيق عقود الزواج بالكتابة.
المبحث الثالث: الأسباب التي أدت إلى انتشار الزواج العرفي.














المبحث الأول:

التعريف بالزواج العرفي.

وفيه أربعة مطالب:

المطلب الأول: العرف في اللغة.
المطلب الثاني: العرف في الاصطلاح.
المطلب الثالث: تعريف الزواج العرفي باعتباره علما.
المطلب الرابع: السبب في تسمية الزواج بالعرفي.






المطلب الأول: التعريف اللغوي لكلمة (العرفي):
هذه الكلمة مأخوذة من "العرف"، وتعني في معاجم اللغة العلم، فيقال: "عرفه يعرفه عرفة وعرفا ومعرفة واعترفه. والمعروف ضد المنكر. والعرف: ضد النكر" (إبن منظور، أو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط 1، 1990، 9/236).
المطلب الثاني: أما المعنى في اصطلاح الأصوليين:
يقول عبد الوهاب خرف في تعريفه: "العرف هو ما تعارفه الناس وساروا عليه، من قول، أو فعل، أو ترك، ويسمى العادة". (الخياط، عبد العزيز، نظرية العرف، عمان، مكتبة الأقصى، ص 24).
المطلب الثالث: تعريف الزواج العرفي باعتباره علما:
1. يعرف الزواج العرفي بأنه ذلك الزواج الذي استوفى شروطه الشرعية جون أن يوثق رسميا وقد أطلق عليه العامة بالزواج العرفي. (ألبنا، كمال صالح، الزواج العرفي ومنازعات البنوة، القاهرة، 2002، ص 6).
وقد عرفته مجلة البحوث الفقهية باعتباره علما على معنى محدد فقالت: "هو اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوبا أو غير مكتوب" (مجلة البحوث الفقهية، العدد 36، السنة 9، ص 193، 1997 – 1998).
تظهر لنا التعريفات السابقة أن الزواج العرفي زواج شرعي لا يختلف عن الزواج المعتبر شرعا، ويختلف عن الزواج الرسمي بأنه زواج غير موثق، فلا يلزم التوثيق فيه، أما الزواج الرسمي يلزم فيه التوثيق حتى يكون معتبرا في دوائر الدولة الرسمية والحقوقية.
المطلب الرابع: السبب في تسمية الزواج بالعرفي:
المعروف في الشريعة الإسلامية أن كل عرف تعارف عليه الناس بينهم وأقره الشارع الحكيم فهو عرف صحيح. فالزواج العرفي – كما أسلفنا – هو ذلك الزواج الذي استوفي الأركان والشروط المعتبرة شرعا، ولم يجر فيه التوثيق وجرت العادة على ذلك، والشرع بدوره أقره ولم ينفه في أي وقت من الأوقات طالما حقق الأركان والشروط.
التعريفات السابقة وما هو معتبر في عرف الزواج الذي جرت عليه عادة الناس وأقرته الشريعة وما سن من القوانين الوضيعة تفرض علينا التساؤل حول أهمية التوثيق لعقود الزواج وما تقتضيه المصلحة المعتبره شرعا وعقلا، وأبعاد هذه المصلحة.











المبحث الثاني:

النظر في تاريخ توثيق عقود الزواج بالكتابة.













لقد اقتصر المسلمون في العصور الأولى بإنشاء عقد الزواج وفق ألفاظ مخصوصة تتضمن الإيجاب والقبول، وحضور ولي الأمر والشهود.
لكن مع تقدم الزمان وما يطرأ على الناس من عوارض النسيان والغفلة وحقيقة الموت، أصبحوا يرون لزاما تدوين وتوثيق عقودهم وخاصة عقد الزواج الذي تقوم عليه حياة أسرة بأكملها، فجاءت الدولة بقوانينها لتنظم قضية الإلزام بالتوثيق وفق تنظيم دستوري معين. (مجلة البحوث الفقهية، العدد 36، ص 194).
كما هو معلوم عدم نكران تغيير الأحكام بتغيير الأزمان، واعرف الجاري يطرأ عليه التغيير ما دام أن هذا التغير جاء مصاحبا ومصلحة معتبرة شرعا والمتمثلة في إثبات وتوثيق الحقوق الزوجية في حالة طروء عوارض الغفلة والنسيان أو الموت.
بدأ توثيق عقود الزواج عندما بادر المسلمون إلى تأخير كل المهر أو بعضه، وهذه الوثيقة كانت بمثابة إثبات حق الصداق وكذلك الزواج نفسه. يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "لم يكن الصحابة يكتبون (صداقات) لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر، بل يعجلون المهر، وان أخروه فهو معروف، فلما صار الناس يزوجون على المؤخر والمدة تطول مما قد يؤدي إلى النسيان صاروا يكتبون المؤخر وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له" (ابن تيمية، تقي الدين احمد، مجموع الفتاوى، تحقيق: عامر الجزار وآخرون، المنصورة، دار الوفاء، ط 1. 1997. 131/32).
1. أما عن توثيق عقد الزواج فقد دلت السنة على وجوب توثيقه بالأشهاد لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين" (الهيثمي، علي بن ابي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، بيروت، دار الكتاب، 286/4).
فالحديث يشير إلى وجوب توثيق الزواج من خلال حضور شاهدين حتى يشهر الزواج عبر نقلها لخبره لسائر الناس لنفي التهمة وحفظ الحقوق الزوجية ودفع الإنكار.
فإذا كان محصلة الأشهاد ايجابية فكان التوثيق بالكتابة والتدوين ادعى لإشهار الزواج واثبات الحقوق ودفع الإنكار لمدة طويلة، خاصة إذا قلنا قوانين الدولة تقوم على حفظ قدسية الزواج إلى أمد أطول بالرغم من موت الشهود وأولياء الأمور. (الأشقر، أسامة عمر سليمان، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، عمان، دار النفائس، ط 1، 2000، ص 134).
يتضح لنا مما سبق أن توثيق الزواج جاء من باب السياسة الشرعية، يقول في ذلك عبد الفتاح عمرو: "فالتوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية، خشية الجحود وحفظا للحقوق، وحذرت من مخالفته لما له من نتائج خطيرة من النكران". (عمرو، عبد الفتاح، السياسة الشرعية في الأحوال الشخصية، عمان، دار النفائس، ط 1، 1996، ص 43).
ويقول محمد عقلة: "غير أن هذه الحقيقة لا تمنع من أحداث تنظيمات شكلية أو إدارية بقصد حماية الزوجية، والمحافظة على مصالح العقد، كما لا تتعارض مع من قانون تراه الدولة مفيدا بقاعدة التطور، وأخذا بالأساليب الحديثة في التدوين والتسجيل". (عقلة، محمد، نظام الأسرة في الإسلام، عمان، مكتبة الرسالة، ط 2، 1989، 1/394).
من هنا ذهبت قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في الدولة إلى وجوب تدوين وتوثيق عقود الزواج والتي اسماها الفقهاء المعاصرون بالشروط القانونية (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 134).
2. ويعرف علي حسب الله الشروط القانونية بأنها: "شروط يضعها المشرع الوضعي لجلب مصلحة أو دفع مضرة"، ثم يوضح طبيعة هذه الشروط فيقول: "الشرط القانوني ليس شرط صحة ولا نفاذ ولا لزوم، لأن المشرع الوضعي ليس له أن ينشأ حكما شرعيا دينيا يحل حراما أو يحرم حلالا، بن هو شرط يترتب عليه أثر فلا دخل له في الحكم الشرعي الديني (حسب الله، علي، الزواج في الشريعة الإسلامية، دمشق، دار الفكر العربي، ط 1، 1971، ص 78).























المبحث الثالث

الأسباب التي أدت إلى انتشار الزواج العرفي














لعل السؤال الذي يدور في ذهن الجميع عن الأسباب والعوامل التي تدفع الرجل أو المرأة إلى الزواج عرفيا، على الرغم من أن لوائح ترتيب المحاكم الشرعيه تنص: "لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية..." (بخيت، مغاوري السيد أحمد الإسلام وبناء الأسرة القاهرة – مصر، دار النهضة العربية، 1418 هـ ء 1998م، ص 181).
إن هذا السؤال يستلزم من الباحثين الكثير من البحوث والإحصائيات الدقيقة عن حالات الزواج العرفي، ولعل من أهم الصعوبات التي تواجه الباحثين في هذا المجال هي أن كثيرا من  حالات الزواج العرفي تكون غير معلنة، الأمر الذي جعل البعض يطلق عليه اسم: "الزواج السري".
يبين القاضي الشرعي حامد عبد الحليم الشريف الأسباب التي أدت إلى انتشار لزواج العرفي (الشريف، حامد عبدالحليم، الزواج العرفي، القاهرة، مكتبة الدار البيضاء، ص 9، مغاوري، الإسلام وبناء الأسرة، ص 184):
أول هذه الأسباب: هو القيود التي فرضتها قوانين الأحوال الشخصية على الأزواج ومن ذلك:
"القيود التي تمثلت في حق الزوجة في طلب بالحالة التي يتزوج عليها زوجها، لما يقع عليها من الضرر اثر هذا الزواج الثاني، وأيضا حق الزوجة الثانية في حالة إذا  ما كانت لا تعلم أن زوجها متزوج بأخرى من قبل، بالإضافة إلى القانون قد أوجب على الزوج أن يقوم بإعلان وإخطار زوجته بالزواج الثاني، وإذا أضفنا إلى ما تقدم أن القانون قد أعطى للمطلقة الحاضنة أن تستقل بمسكن الزوجية هي وطفلها، ونحن نعلم كيف يدبر الزوج المسكن في هذا العصر، أن القانون في حد ذاته وبنصوصه التي قيدت الزواج يقف عقبة أمام إتمام حالات كثيرة من حالات الزواج".
السبب الثاني: الصعوبات التي تحيط بكثير من الشباب، يقول القاضي الشريف: "إن هذه الصعوبات تتمثل في النواحي الآتية:
1. غلاء المهور والمبالغة في تكاليف الزواج.
2. عائق الدراسة التي يضطر الطالب والطالبة في أرواء الناحية الغرائزية بصورة غير مشروعة.
3. قلة أجور العمل وانتشار البطالة وغلاء المعيشة وعدم توافر السكن الملائم، وتدخل النساء في كثير من المجالات بحيث لم يبق للرجال يعملون فيه.
السبب الثالث: ضعف الوازع الديني، وهذا الأمر دفع الشباب وغيرهم في الوقت الحاضر إلى اللجوء للزواج غير الرسمي (العرفي) الذي يتحلل فيه الزوج من كثير من القيود، وذلك في الوقت الذي يعصم فيه من الخطأ ويعصم نفسه من مباشرة علاقات غير مشروعة.
السبب الرابع: رغبة احد الطرفين في إخفاء الزواج بسبب التفاوت في المستوى الاجتماعي لأحدهما.
السبب الخامس: الرغبة بالاقتران بزوجة أخرى دون إشعار زوجته الأولى بالأمر، حفاظا على تماسك أسرته الأولى وترابطها.
السبب السادس: الضرورات المادية التي تدفع البعض إلى إخفاء الزواج الجديد للمحافظة على دخله الذي يتلقاه لأسباب معينة من دوائر الدولة المختلفة "معاش أولاد المتوفى، تعويض، ...".
السبب السابع: هروبا من الالتزامات التي يفرضها الزواج الرسمي.
السبب الثامن: المكانة الأدبية والعلمية للزوج وخاصة إذا كان متزوجا من قبل ويبغي الاقتران بمن هي دونه في المستوى الاجتماعي.




























الفصل الثاني

موقف الشريعة من الزواج العرفي 

وفيه مباحث:

المبحث الأول: شروط صحة الزواج العرفي.
المبحث الثاني: مسميات عقود الزواج.
المبحث الثالث: الكيفية التي يتم بها عقد الزواج العرفي.














المبحث الأول:

شروط صحة الزواج العرفي.

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: الشهادة على الزواج.
المطلب الثاني: اشتراط الولاية في زواج المرأة.




إذا قلنا أن قوانين الدولة اليوم توجب توثيق الزواج في الدوائر الرسمية المعنية في توثيق عقود الزواج المتعامل بها في الحاضر، فلا بد وان نشير إلى مسميات عقود الزواج ونتطرق إليها من باب التوضيح والتفريق، لكن بدء من بيان شروط انعقاد الزواج العرفي حتى يتسنى لنا معرفة العقود الصحيحة من الباطلة أو الفاسدة:
إن الشروط العامة التي وضعها الفقهاء لأنعقاد وصحة عقد الزواج هي ذاتها اللازمة لصحة وانعقاد الزواج العرفي، لأنه في الحقيقة لا فرق من الناحية الشرعية بين الزواج العرفي والزواج الرسمي الموثق طالما كانت الشروط الشرعية المنصوص عليها متوافرة في أي منهما والمتمثلة في توافر الإيجاب والقبول الصحيحين اللازمين لأي عقد من العقود، ومن شروط الإيجاب والقبول اللازمين لأنعقاد العقد (مغاوري، الإسلام وبناء الأسرة، ص 195):
1) أن يكون كل من العاقدين مميزا.
2) اتحاد مجلس الإيجاب والقبول.
3) عدم رجوع الموجب عن الإيجاب قبل القبول.
4) موافقة القبول للإيجاب.
5) ألا يصدر عن العاقد الثاني (صاحب القبول) بعد الإيجاب ما يدل على الإعراض.
كما ذكرنا سابقا، فإن الشروط العامة للزواج عموما لم تستلزم أن يكون عقد الزواج مكتوبا، أو غير مكتوب، أو موثقا، أو غير موثق، أو عرفيا، أو غير ذلك .. فتلك الشروط واحدة في أي زواج (ألبنا، الزواج العرفي ومنازعات النبوة، ص 4).
المطلب الأول: الشهادة على الزواج:
2. تعتبر الشهادة في عقد الزواج شرطا لصحته، فلا يصح بلا شهادة اثنين غير الولي (الزحيلي، وهبه، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق، دار الفكر، ط 3، 1989، 70/7)، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي وشاهدين" (الهيثمي، علي بن ابي بكر، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، بيروت، دار الكتاب، 4/286).
فالشهادة في ذلك حفظ لحقوق الزوجة والولد لئلا يجحدها الزوج، وتدرأ التهمة عن الزوجين، وكل ذلك بيان لخطورة الزواج وأهميته.
شروط الشهادة (مغاوري، الإسلام وبناء الأسرة، ص 200):
*) أن تكون برجلين أو برجل وامرأتين: قال تعالى: وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء... (البقرة/282).
*) أن يكون كل من الشاهدين بالغا عاقلا حرا.
*) أن يسمعا عبارة العقدين، فلا تصح شهادة الأصم، ولا النائم، ولا الشكران في وقت العقد.
*) أن يكونا مسلمين.


المطلب الثاني: اشتراط الولاية في زواج المرأة:
لا بد لصحة عقد الزواج أن تكون المرأة محلا له، أي أن تكون غير محرمة على الرجل الذي يريد الزواج منها، سواء كان سبب التحريم على سبيل التأبيد، أو على سبيل التأقيت، وعليه فإنه قد حصل الاختلاف بين الصحابة والتابعين وبين المذاهب الأربعة بشأن ضرورة اشتراط الولي في النكاح وعدم اشتراطه، فالفقهاء لهم رأيان في انعقاد الزواج بعبارة النساء:
يرى الحنيفة أنه يصح العقد بعبارتها بدون ولي. (إبن الهمام، كمال الدين محمد بن عبد الواحد، شرح فتح القدير على الهداية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، ج2، 1420 هـ ء 2000 م، 2/98).
واستدل الحنيفة بقوله تعالى: "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة / 232)، ورأوا في هذه الآية أن وجه الاستدلال فيها أنها أضافت العقد إلى المرأة حيث صرحت "ينكحن" من غير شرط الولي (مغاوري، الإسلام وبناء الأسرة، 422).
واستدلوا أيضا بقوله تعالى: "وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ" (البقرة / 220)، وجه الاستدلال في هذه الآية أنها جاءت للنهي عن النكاح المشركين لا لبيان حكم الأولياء (المغاوري، الإسلام وبناء الأسره، 424).
واستدلوا أيضا بقوله تعالى: "فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ" (البقرة / 229)، وجه الاستدلال في هذه الآية على عدم ضرورة اشتراط الولي هو إضافة لفظ النكاح "تنكح" إلى ذات المرأة (مغاوري، الإسلام وبناء الأسرة، 425).
ويرى الجمهور أنه يبطل العقد دون ولي. (الدردير، أبو البركات أحمد، الشرح الصغير على اقرب المسالك، حققه: كمال المرصفي، 1989، 2/353. وابن جزي، محمد بن أحمد، القوانين الفقهية، 198، الشيرازي، أبو إسحاق، المهذب في فقه الإمام الشافعي. دار القلم، دمشق، ط1، 1417 هـ ء 1996م، 2/35، الشربيني، محمد، مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج. القاهرة، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1985، 3/147، البهوتي، كشاف القناع، 5/49، ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن احمد، المغني، تحقيق: عبد الله تركي وآخرون، القاهرة، مطبعة هجر القاهرة، ط 1، 1989، 6/449).
واستدل الجمهور بقوله تعالى: "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ" (البقرة / 232)، قال الشافعي رحمه الله: "هذه أبين آية في كتاب الله تعالى دلالة على أن ليس للمرأة أن تتزوج بغير ولي" (الشافعي، محمد بن إدريس، كتاب الأم، 7/163).
واستدلوا بقوله تعالى: "وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ" (البقرة / 220)، فالخطاب موجه في هذه الآية الأولياء حتى ينتهوا عن أن ينكحوا المولى عليها (الفتاة) من المشركين لما في ذلك من الضرر على المسلمة (القرطبي، أحكام القرآن، 880).
إلى الحديث: "لا نكاح إلا بولي" (الترمذي، أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة، الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي، تحقيق، إبراهيم عطره عوض، دار التراث العربي 3/407).
وحديث عائشة: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل فان دخل فلها المهر بما استحل من فرجها، فان اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" (ابن حنبل، المسند للإمام أحمد بن حنبل، تحقيق: عبد الله محمد الدرويش، ط1، 1411هـ ء 1991، دار الفكر، بيروت – لبنان، 6/66).
وقال الجمهور: أن الزواج عقد خطير دائم ذو مقاصد متعددة، من تكوين الأسرة وتحقيق استقرارها وغيرها، والرجل بما لديه من خبرة واسعة في شؤون الحياة أقدر على مراعاة هذه المقاصد. أما المرأة فخبرتها محدودة، وتتأثر بظروف وقتية، فمن المصلحة لها أن تفوض وليها في إنشاء عقد الزواج. (الزحيلي، وهبه، الفقه الإسلامي وأدلته، 7/195).
والرأي المعتبر هو رأي الجمهور، فلا نكاح إلا بولي، المرأة لا تملك تزويج نفسها ولا غيرها، ولا توكيل غير وليها في تزويجها، فإن فعلت وان كانت بالغة عاقلة رشيدة، لم يصح النكاح.























المبحث الثاني

مسميات عقود الزواج























أولا: الزواج الشرعي: هو الزواج الذي استوفي الأركان والشروط لإنشاء عقد زواج القائم على حلية الاستمتاع، لكن هذا الزواج لم يوثق رسميا، والزواج العرفي بهذا التعريف يدخل تحت هذا المسمى بكل مقتضيات حليته طالما قد حقق الأركان والشروط المعتبرة.

ولقد أجاب حسنين مخلوف في زواج توافرت فيه شروط العقد وأركانه، ونص السؤال: "هل إذا عقد الزوجان زواجهما بإيجاب وقبول شرعيين وبحضور شاهدين مستوفيين للشرائط الشرعية بدون إثبات العقد في وثيقة رسمية لدى المأذون أو الموظف المختص، يكون زواجا شرعيا وتحل به المعاشرة بينهما، أو لا بد من إثباته في الوثيقة الرسمية؟؟".

أجاب مخلوف عن هذا بقوله: "عقد الزواج إذا استوفى أركانه وشروطه الشرعية تحل به المعاشرة بين الزوجين، وليس من شرائطه الشرعية إثباته كتابة بوثيقة رسمية أو غير رسمية، وإنما التوثيق لدى المأذون أو الموظف المختص نظام أوجبته اللوائح والقوانين الخاصة بالمحاكم الشرعية خشية الجحود وحفظا للحقوق، وحذرت من مخالفته لما له من النتائج الخطيرة عند الجحود". (مخلوف، محمد حسنين، فتاوى شرعية وبحوث إسلامية، القاهرة، دار الاعتصام، 2/55).

نجد هذا الزواج مستوفيا لشرطي صحة العقد المتمثل بالأشهاد والولاية فهو بذلك زواج شرعي، إلا أن الدائرة الرسمية لا تعترف به كزواج انشأ ضمن إطارها الرسمي فلا يكون زواجا رسميا إلا وثق ودون في الدائرة الرسمية.

ثانيا: الزواج الرسمي: هو الزواج الذي تصدر به وثيقة رسمية من الدولة، وقد عرف رجال القضاء المعاصرون الوثيقة الرسمية بأنها: "ما يصدر عن موظف مختص بمقتضى وظيفته بإصدارها" (الأشقر، مستجدات في قضايا الزواج والطلاق، 132).

الملاحظ حسب تعريف الوثيقة يجد أنها لا تقبل الجحود أو النكران، فهي مثبتة للعقد وتبعياته وغير قابلة للطعن البتة. هذا التعريف يظهر الفرق بين الزواج الرسمي والعرفي، فالفرق البائن أن الزواج العرفي يقبل الطعن والجحود والنكران، وان اثبت بالشهود أو بوثيقة عرفية بين المتعاقدين (الزوجين). بقول عبد الفتاح عمرو: "العقد العرفي يعتبر كالورقة العرفية التي تقبل الطعن والتزوير  والإنكار، أما العقد الرسمي فهو كالوثائق الرسمية التي لا تقبل الطعن بالإنكار" (عمرو، عبد الفتاح، السياسة الشرعية في الأحوال الشخصية، 43).

نجد العقد وفق ما بيناه في مطلب شرط الأشهاد والولاية مستوفيا لهذين الشرطين، واخذ ثبوتيته من الدائرة الرسمية.

ثالثا: الزواج السري: هنالك بعض الكتب والمقالات التي تخلط بين الزواج العرفي والسري، هذا التداخل بين المفهومين قائم لعدم معرفة الفرق بينهما، ومن اجل فك هذا التداخل لا بد من التطرق لصور هذا الزواج:

الصورة الأولى: أن الزواج الذي يتم بدون ولي وشاهدين فهو باطل وما بني على باطل فهو باطل، والنكاح السري. الذي تعارف عليه طلاب الجامعات والكليات تلبية لغرائزهم المكبوتة والتفافا على الشرع والقانون. فهو زواج قد تم بإيجاب وقبول من طرفين فقط (الزوجين)، وخلا من ولي المرأة وشاهدين، وهذا العقد باطل باتفاق الجمهور وفي ذلك يقول ابن تميمة: "نكاح السر الذي يتواصى بكتمانه ولا يشهدون عليه احد باطل عند عامة العلماء، وهو من جنس السفاح" (ابن تيمية، تقي الدين، مجموع الفتاوى، 33/158)، ولا يجو في هذه الحالة تسميته بالزواج العرفي (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 137).

الصورة الثانية: إذا تم عقد النكاح بحضور الولي والشهود وتواصوا فيما بينهم على عدم البوح به وإشهاره، فهذا النوع من النكاح العرفي جائز عند الإمام أبي حنيفة والشافعي واحمد، لأن السرية عندهم تزول بالأشهاد، وأشهاد رجلين هو الحد الأدنى الإعلان الذي يصح به النكاح. (الكاساني، علاء الدين بن أتي بكر بن مسعود. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 2، 1982. 2/252، النووي، شرف الدين، روضة الطالبين وعمدة المغنين، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 3، 1991، 7/45، وابن قدامة. موفق الدين، المغني، 9/347). أما الإمام مالك (الدسوقي، شمس الدين محمد عرفة، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، القاهرة، مكتبة زهران، 2/236، الدردير، الشرح الصغير، 2/336). فيرى أن النكاح الذي يوصي فيه الزوج الشهود بكتمه عن امرأته أو عن جماعة ولو أهل منزل، يفسخ بطلقة بائنة إن دخل الزوجان، كما يتعين فسخ النكاح بدخول الزوجين بلا أشهاد، ويحدان معا حد الزنا جلد أو رجما إن حدث وطء وأقا به، أو ثبت الوطء بأربعة شهود كالزنا، ولا يعذران بجهل.

ولكن لا يجب الحد عليهما إن فشا النكاح وظهر بنحو ضرب دف أو وليمة أو بشاهد واحد غير الولي، أو بشاهدين فاسقين ونحوها للشبهة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ادرءوا الحدود بالشبهات" (ابن حجر العسقلاني، أبو الفضل احمد بن علي، تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، 1384 هـ ء 1964، 4/56)،

والمعتبر هنا رأي الجمهور لان العقد قد اكتملت أركانه وشروطه المعتبرة في إنشاء عقد النكاح، وان تم كتمانه، ولكن وكما اشرنا سابقا في موضوع النكاح الرسمي فان هذا النوع من الأنكحة هي عرضة للجحود والنكران في حالة موت الولي أو الشهود، وكذلك عوارض النسيان أو الغفلة التي قد تعتري الشهود، لذا جاء التوثيق والتدوين من باب السياسة الشرعية لإبعاد هاجس الجحود والإنكار.

الصورة الثالثة: العقد العرفي الذي تم بإيجاب وقبول بين رجل وامرأة وبشاهدين من غير ولي باطل عند الجمهور – وقد أشرنا إلى ذلك في موضوع اشتراط الولاية والشهادة في عقد الزواجـ،  لأن الولاية شرط في صحة إنشاء العقد، وكونه سريا لخلوه من ولي الأمر في الإنكاح.

أما أبو حنيفة فيرى أنه لا يبطل العقد بخلوه من ولي الأمر، ولكنه يرى أن من حق الولي مطالبة القاضي بفسخ العقد إذا كان الزوج غير كفء (ابن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المحتار على الدر المختار مطبعة البابي الحلبي، ط 2، 1966، 2/418 – 420. 363).

المعتبر في هذه المسألة هو رأي الجمهور لاعتبارية اشتراط الولاية، وأن المرأة لا تملك حق تزويج نفسها أو توكيل غير وليها في تزويجها – وقد أشرنا إلى ذلك عند الحديث عن اشتراط الولاية في صحة النكاح ـ.


















المبحث الثالث


الكيفية التي يتم بها عقد الزواج العرفي





























صور إجراء هذا العقد متعددة، فقد ذكرت مجلة البحوث الإسلامية نقلا عن الأستاذ هلال يوسف إبراهيم في كتابه (الزواج العرفي) أن: "من صور إجراءه كتابة عقد يتضمن إقرار الزوج والزوجة بأهليتهما للتعاقد والتصرف وخلوهما من كافة الموانع الشرعية، ويدون هذا العقد أسماء الشهود فيقر الزوج (يسمى باسمه) وبعد إيجاب وقبول، ويجيب أنه قد قبل الزواج من الزوجة (تسمى باسمها) زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعملا بأحكام الشريعة الإسلامية. كما تقر الزوجة (تسمى باسمها) بعد إيجاب وقبول صريحين أنها قبلت الزواج من الزوج (يسمى باسمه) زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعملا بأحكام الشريعة الإسلامية.

ويذكر في العقد أن الطرفين اتفق على صداق قدره (كذا)، كما يتضمن العقد أن الطرفين أقرا بقبولهما جميع أحكام هذا العقد بما تقتضي الشريعة الإسلامية وما يترتب عليه وخاصة البنوه والنسب، إذ أن لأولادهما ثمرة هذا الزواج ولهم جميع الحقوق الشرعية والقانونية". (مجلة البحوث الفقهية، العدد 36، السنة 9، ص 194 – 195، 1997 – 1998).

ومن صور عقد الزواج العرفي: (أخذت صورة هذا العقد من كتاب: إبراهيم، هلال يوسف، أحكام الزواج العرفي، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 1995، ص 108 – 109).

عقد الزواج العرفي

أنه في يوم ــــــــــ الموافق ـــــــــــــــ

تحرر بين كلا من:

أولا: السيد / ــــــــــــ المقيم ــــــــــ، الديانة ــــــــــــ
الجنسية ــــــــــــــــــ
(زوج – طرف أول

ثانيا: السيدة / ـــــــــــ المقيمة ـــــــــــــ، الديانة ـــــــــ 
الجنسية ــــــــــــــ
(زوجة – طرف ثاني)

بعد أن أقر الطرفان بأهليتهما بالتعاقد والتصرف وخلوهما من كافة الموانع الشرعية إتفقا أمام الشهود المذكورين بهذا العقد وبعد تلاوته باللغة ــــــــــ على الزوجة – الطرف الثاني – إتفقا على ما يأتي:

البند الأول:
يقر الطرق الأول بعد إيجاب وقبول صريحين بأنه قد قبل الزواج من الطرف الثاني زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعملا بأحكام الشريعة الإسلامية، كما تقر الطرف الثاني بعد إيجاب وقبول صريحين بأنها قد قبلت الزواج من الطرف الأول زواجا شرعيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعملا بأحكام الشريعة الإسلامية مع احترام ديانة الزوجة الطرف الثاني.

البند الثاني: تقر الطرف الثاني صراحة بأنها قبلت الزواج برضا تام وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية مع الاحتفاظ بديانتها.

البند الثالث: اتفق الطرفان على صداق قدره ـــــــــ دفع من الطرف الأول في مجلس العقد للطرف الثاني والمؤخر مبلغ ــــــــــ يحل بأقرب الأجلين.

البند الرابع: يقر الطرفان بقبولهما جماع أحكام هذا العقد بما تقضي به الشريعة الإسلامية وما يترتب عليه من آثار قانونية وخاصة البنوة إذ أن لأولادهما ثمرة هذا الزواج لهم جميع الحقوق الشرعية والقانونية.

البند الخامس: تحرر هذا العقد من نسختين بيد كل طرف نسخة للعمل بها عند اللزوم لحين اتخاذ إجراأت توثيق هذا الزواج رسميا وطبقا لأحكام القانون الوضعي في (تسمى اسم الدولة التي أنشأ فيها عقد الزواج) وذلك بشهادة كل من:

1ـ السيد / ـــــــــــــــ 2ـ السيدة / ـــــــــــــــ
      (الطرف الأول ـ الزوج)       (الطرف الثاني ـ الزوجة)

     توقيع:ــــــــــــــ     توقيع: ــــــــــــــــ































الفصل الثالث

موقف القوانين الوضعية من الزواج العرفي.

وفيه مبحثان:


المبحث الأول: الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية.

المبحث الثاني: تسجيل الزواج والطلاق في إسرائيل.




































المبحث الأول



الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية.


























يرى العلماء المتأخرون والمتقدمون لزوم طاعة ولي الامر فيما يسنه من القوانين التي تترتب عليها مصالح الرعية، وان لهم ان يفرضوا عقوبة على من يخالف هذه القوانين التي جاءت لتحقيق مصالح العباد الدينية والدنيوية ولتنظيم سير المعاملات والعقود الجارية بينهم على اختلافها، يقول الشيخ علي الطنطاوي: "هذا الزواج بهذا المعنى زواج صحيح (العقد العرفي)، ولكن للحاكم أن يعاقب فاعله بنوع من العقوبات لأنه خالف أمرا أوجب الله طاعته. (الطنطاوي، علي، فتاوى الطنطاوي، جمعها ورتبها: مجاهد ديرانية، دار المنارة، ط 4، 1991، ص 186).

كل القوانين الأحوال الشخصية تلزم المقدم على الزواج أن يوثق العقد في الدائرة الرسمية المعنية، ولكن هذه القوانين تتفاوت فيما بينها الحكم على من يتزوج زواجا عرفيا غير موثق. (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 145).

لقوانين الأحوال الشخصية أربعة اتجاهات في هذا الأمر (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 145):

الأول: القوانين التي تلزم بتسجيل العقد غير ذكر عقوبة لهذه المخالفة.
الثاني: القوانين التي ترفض سماع الدعوى في الزواج العرفي المقدمه إلى المحاكم في حالة الإنكار.
الثالث: القوانين التي توجب عقوبة على مثل هذا النوع من الزواج، ويتفاوت مقدار العقوبة من قانون لآخر.
الرابع: القوانين التي لا تثبت هذه العقود وتعتبرها باطلة.

الاتجاه الأول: القانون الذي ألزم بتوثيق عقد الزواج في الدائرة الرسمية واكتفى في ذلك، ولم تترتب عقوبة على من لم يوثق عقده، وهذا الاتجاه يظهر في القانون المغربي الأحوال الشخصية، حيث نص في الفصل الثالث والأربعين على ان: "يسجل العقد بسجل الأنكحة لدى المحكمة وترسل نسخة منه إلى إدارة الحالة المدنية".

الاتجاه الثاني: القانون الذي رفض سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها، حتى تقدم وثيقة رسمية تثبت دعوى الزوجية. وهذا ما ذهب إليه القانون المصري للأحوال الشخصية في المادة ـ 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعدلة بالقانون رقم 78 لعام 1931، لكن ما نصه القانون ليس واردا على الزواج في ذاته وإنما قاصر على التقاضي في شأنه، وقد أفتت بذلك دار الإفتاء المصرية كالآتي: "ينعقد الزواج شرعا بين الطرفين (الزوج والزوجة بنفسها أو بوكيليهما أو وليهما بإيجاب من أحدهما من الآخر متى استوفى هذا العقد جميع شرائطه الشرعية المبسوطة في كتب الفقه، ويرتب على هذا العقد جميع الآثار والنتائج.


















المبحث الأول



الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية.






























يرى العلماء المتأخرون والمتقدمون لزوم طاعة ولي فيما يسنه من القوانين التي تترتب عليها مصالح الرعية، وان لهم ان يفرضوا عقوبة على من يخالف هذه القوانين التي جاءت لتحقيق مصالح العباد الدينية والدنيوية ولتنظيم سير المعاملات والعقود الجارية بينهم على اختلافها، يقول الشيخ علي الطنطاوي: "هذا الزواج بهذا المعنى زواج صحيح (العقد العرفي)، ولكن للحاكم أن يعاقب فاعله ينوع من العقوبات لأنه خالف أمرا أوجب الله طاعته. (الطنطاوي، علي، فتاوى علي الطنطاوي، جمعها ورتبها: مجاهد ديرانية، دار المنارة، ط 4، 1991، ص 186).

كل القوانين الأحوال الشخصية تلزم المقدم على الزواج أن يوثق العقد في الدائرة الرسمية المعنية، ولكن هذه القوانين تتفاوت فيما بينها في الحكم على من يتزوج زواجا عرفيا غير موثق. (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 145).

ولقوانين الأحوال الشخصية أربعة اتجاهات في هذا الأمر (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 145):

الأول: القوانين التي تلزم بتسجيل العقد غير ذكر عقوبة لهذه المخالفة.
الثاني: القوانين التي ترفض سماع الدعوى في الزواج العرفي المقدمة إلى المحاكم في حالة قانون لآخر.
الثالث: القوانين التي توجب عقوبة على مثل هذا النوع من الزواج، ويتفاوت مقدار العقوبة من قانون لآخر.
الرابع: القوانين التي لا تثبت هذه العقود وتعتبرها باطلة.

الاتجاه الأول: القانون الذي ألزم بتوثيق عقد الزواج في الدائرة الرسمية واكتفى في ذلك، ولم تترتب عقوبة على من لم يوثق عقده، وهذا الاتجاه يظهر في القانون المغربي للأحوال الشخصية، حيث نص في الفصل الثالث والأربعين على أن: "يسجل العقد بسجل الأنكحة لدى المحكمة وترسل نسخة منه إلى إدارة الحالة المدنية".

الاتجاه الثاني: القانون الذي رفض سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها، حتى تقدم وثيقة رسمية تثبت دعوى الزوجية. وهذا ما ذهب إليه القانون المصري للأحوال الشخصية في المادة ـ 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعدلة بالقانون رقم 78 لعام 1931، لكن ما نصه القانون ليس واردا على الزواج في ذاته وإنما قاصر على التقاضي في شأنه، وقد أفتت بذلك دار الإفتاء المصرية كالآتي: "ينعقد الزواج شرعا بين الطرفين (الزوج والزوجة ينفشها أو بوكيليهما أو وليهما بإيجاب من أحدهما وقبول من الآخر متى استوفى  هذا العقد جميع شرائطة المبسوطة في كتب الفقه، ويرتب على هذا العقد جميع الآثار والنتائج، ويثبت لكل من الزوجين من قبل الآخر جميع الحقوق والواجبات دون توقف عن توثيق العقد رسميا، أو كتابته بورقة عرفية وهذا كله من الوجهة الشرعية، أما من الوجهة القانونية فإن المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 قد نص في الفقرة الرابعة من المادة 99 على أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931، وتقتضي ذلك أن القانون لم يشترط لصحة عقد الزواج، أن يكون بوثيقة رسمية، وإنما أشترط ذلك سماع الدعوى". (إبراهيم، هلال يوسف، أحكام الزواج العرفي، 55 / والبنا كمال صالح، الزواج العرفي ومنازعات البنوة، 6).

وقد نحى القانون الكويتي للأحوال الشخصية منحى القانون المصري، وقد جاء في المادة (93) من الفقة (أ): "لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية، إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية، أو سبق الإنكار الإقرار بالزوجية في أوراق رسمية (الغندور، احمد، الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي، الكويت، مكتبة الفلاح، ط 3، 1985، ص 97).

الاتجاه الثالث: القانون الذي فرض عقوبة على الذي لا يسجل زواجه العرفي في وثيقة رسمية، ومن القوانين التي نحت هذا الاتجاه القانون الأردني للأحوال الشخصية، فقد جاء في نص الساعة عشرة منه ما يأتي:
أ‌. يجب على الخاطب مراجعة القاضي أو نائبه لإجراء العقد.
ب‌. يجري عقد زواج من مأذون القاضي بموجب وثيقة رسمية، وللقاضي بحكم وظيفته في الحالات الاستثنائية أن يتولى ذلك بنفسه بإذن من قاضي  القضاة.
ج. وإذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني وبغرامة على كل منهم لا تزيد عن 100 دينار.
د. كل مأذون لا يسجل العقد بوثيقة رسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبتين المسار إليهما في الفقرة السابقة مع اعزل من الوظيفة. (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 147 أخذا من قانون الأحوال الشخصية الأردني).

ومن القوانين التي تحت منحى القانون الأردني قانون الأحوال الشخصية العراقي، فقد جاء في الفقرة الخامسة من المادة العاشرة منه ما نصه: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة او بغرامة لا تقل عن 300 دينار ولا تزيد على ألف دينار، كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 5 سنوات، إذا عقد خارج المحكمة زواجا آخر مع قيام الزوجية".

الاتجاه الرابع: قانون الأحوال الشخصية التونسي الذي ينص في الفصل الرابع من الأحكام التي تتعلق بالزواج على أنه: "لا يثبت الزواج إلا بحجة رسمية يضبطها قانون خاص".

وهذا النص يخالف القانوني في القانون المصري والكويتي الذين ينصان على عدم سماع دعوى الزوجية، فالنص في القانون التونسي صريح في عدم ثبوت الزواج، وهذا يعني بطلان العقد في نظر المحاكم التونسية، وهذا النص بلا شك فيه مخالفة صريحة لأحكام الشريعة الإسلامية. (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 148).























المبحث الثاني



تسجيل الزواج والطلاق في إسرائيل.
























هذا القانون يقضي بوضع أحكام لتسجيل الزواج والطلاق (23 أيلول سنة 1919).
مادة 1) يطلق على هذا القانون (تسجيل) الزواج والطلاق.
مادة 2) يكون للعبارة الواردة في هذا القانون المعنى المخصص لها أدناه إلا إذا دلت القرينة على غير ذلك.
تعني عبارة "مرجع التسجيل" فيما يتعلق بعقود الزواج المدني، الموظف القائم بمراسيم الزواج، وفيما يتعلق بزواج المسلمين مأذون الأنكحة، وفيما يتعلق بزواج المسيحيين القس أو الخوري، وفيما يتعلق بزواج اليهود الراب، وفيما يتعلق بزواج الدروز شيخ القبيلة.

مادة 3) يقتضي على مرجع التسجيل أن يسجل كل زواج لدى عقده وذلك بتدوين التفاصيل التالية في أربع نسخ يوقعها ويختمها بختمه.
أ‌) اسم الزوج والزوجة وسنهما وحرفتهما والطائفة التي ينتميان إليها ومكان إقامتهما.
ب‌) أسماء والديهما وحرفتهم ومكان إقامتهم.
ج) أسماء الشهود وحرفتهم.
د) تاريخ عقد الزواج ومكانه.

مادة 4) يقتضي على مرجع التسجيل فيما يتعلق بالنسخ الأربعة لشهادة تسجيل الزواج:
أ‌) أن يحفظ نسخة منها في السجل.
ب‌) أن يرسل نسخة منها لمكتب حاكم اللواء في آخر كل شهر.
ج) أن سلم نسخة للزوج وأخرى للزوجة لدى رسم قدره مائة مل.

مادة 5) تتبع الأصول في المادتين 3 و 4 فيما يتعلق بتسجيل الطلاق غير أنه طلاقه بطلب تدوين التفاصيل المطلوبة في الفقرة (ب) من المادة 3.

مادة 6) يجوز لأي شخص أن يحصل على نسخة من شهادة تسجيل زواجه أو طلاقه بطلب يقدمه إلى مكتل حاكم اللواء لدى دفعه رسما قدره خمسون ملا.

مادة 7) كل من تخلف عن تسجيل زواجه أو طلاقه يعتبر أنه ارتكب جرما ويعاقب بالعقوبة المعنية في ذيل المادة 99 من قانون الجزاء العثماني. (الناطور، مثقال، المرعي في القانون الشرعي، القدس، ط 2، 1417 هـ ء 1996م، ص 132 – 133).

وعليه، نجد أن جميع الاتجاهات القانونية في جميع الدول العربية وفي إسرائيل تتفق عللا وجوب تسجيل الزواج في الدائرة المعنية، والمخالف للقانون تترتب عليه عقوبة معينة تحددها قوانين الدوله والزواج  في اسرائيل  وخاصه لدى المسلمين  يجب توثيقه في عقد لدى المأذون الشرعي 
حتى يتسنى له رفع هذا العقد الى المحكمة الشرعية ومن ثم إلى الدوائر الرسمية المختلفة. والمخالف لهذا القانون يعد مرتكبا لجرم يستحق عقوبة وفق الاتجاه الثالث.


















الفصل الرابع

الآثار المترتبة على الزواج العرفي.

وفيه خمسة مباحث:


المبحث الأول: حكم النسب في الزواج العرفي.
المبحث الثاني: الطلاق في الزواج العرفي.
المبحث الثالث: الحقوق المتبادلة بين الزوجين في الزواج العرفي.
المبحث الرابع: الآثار الاجتماعية للزواج العرفي.
المبحث الخامس: كيفية الحد من انتشار الزواج العرفي.


































المبحث الأول



حكم النسب في الزواج العرفي.






















أن آثار الزواج بصفة عامة بالنسبة للحقوق والالتزامات التي يرتبها عقد الزواج بين الزوجين أو لأحدهما قبل الآخر نجد أنها نفس الحقوق والالتزامات التي يرتبها الزواج العرفي فيما لو استوفى الشروط والأركان الشرعية المعتبرة، وتظهر هذه الآثار على الوجه الآتي: (إبراهيم، هلال يوسف، أحكام الزواج العرفي، 75 – 79).

النسب يثبت بالزواج سواء كان رسميا أم عرفيا فهذا لا خلاف عليه، وبالتالي يخضع الزواج العرفي المستوفي للأركان والشرائط الشرعية لنفس قواعد الزواج الرسمي عند إثبات النسب، بمعنى أن النسب يثبت بثلاثة طرق: (الزواج الصحيح أو الفاسد والبينة والإقرار، وسنتطرق إليها لاحقا).

إن نسب الولد من أمه ثابت قي كل حالات الولادة شرعية أو غير شرعية، أما نسب الولد من أبيه، لا يثبت إلا من طريق الزواج الصحيح أو الفاسد، أو الوطء لشبهة، أو الإقرار بالنسب، وأبطل الإسلام ما كان في الجاهلية من إلحاق الأولاد عن طريق الزنا، فقال عليه الصرة والسلام: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" (متفق عليه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه ء/ الصنعاني، سبل السلام، 3/1143)، ومعنى الحديث أن الولد يلحق الأب الذي له زوجية صحيحة، علما بأن الفراش هو المرأة في رأي الأكثر، وقد يعبر عن حالة الافتراش، وأما الزنا فلا يصلح سببا لإثبات النسب، وإنما يستحق الزاني الرحم أو الطرد بالحجارة.

وقد دل ظاهر الحديث السابق على أن الولد إنما يلحق الأب بعد ثبوت الفراش، وهو لا يثبت إلا بعد الوطء في الزواج الصحيح – وكان هذا متحققا في الزواج الصحيح – والزواج الفاسد. وهذا هو رأي الجمهور، وروي عن أبي حنيفة أنه يثبت بمجرد العقد لأن مجرد المظنة كافية، ورد بمنع حصولها بمجرد العقد، بل لا بد من إمكان الوطء. (الشوكاني، محمد بن علي، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، بيروت، دار الخير، ط 1، 1996. 6/279 وما بعدها. ابن رشد القطبي، أبو الوليد محمد ين احمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، حققه: ماجد الحموي، بيروت، دار ابن حزم، ط 1، 1995، 2/352، والكاساني، بدائع الصنائع، 3/212، وابن الهمام، كمال الدين، فتح القرير شرح الهداية، 3/300).

أما طرق إثبات النسب فهي كالآتي: (الزحيلي، وهبة، الفقه الإسلامي وأدلته، 8/690).

الطريق الأول: الزواج الصحيح أو الفاسد:
إن الزواج الصحيح أو الفاسد لإثبات النسب، وطريق لثبوته في الواقع، فمتى ثبت الزواج ولو كان فاسدا، أو كان زواجا عرفيا، أي منعقدا بطريق عقد خاص دون تسجيل في سجلات الزواج الرسمية، ثبت كل ما تأتي به المرأة من أولاد.

الطريق الثاني: ألإقرار بالنسب أو ادعاء الولد:
الإقرار بالنسب نوعان:
1) ‘قرار نفس المقر.
2) إقرار محمول على غير المقر.

أما الإقرار بالنسب على نفس المقر فهو أن يقر الأب بالولد أو الابن بالوالد، كأن يقول: هذا ابني، أو هذا أبي، أو هذه أمي ويصح هذا الإقرار من الرجل ولو في مرض الموت.

أما الإقرار بنسب محمول على الغير، فهو الإقرار بما يتفرع عن أصل النسب، كأن يقر شخص فيقول: هذا أخي، أو هذا عمي، أو هذا جدي، أو هذا ابن ابني.

الطريق الثالث: البينة:
إن ثبوت النسب بالبينة أقوى من الإقرار، لأن البينة أقوى الأدلة ولأن النسب وإن ظهر بالإقرار ولكنه غير مؤكد، فاحتمل البطلان.

ونوع البينة التي يثبت بها النسب هي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عند أبي حنيفة ومحمد، وشهادة رجلين فقط عند المالكية، وجميع الورثة عند الشافعية والحنابلة وأبي يوسف.

والشهادة تكون بمعاينة المشهود به أو سماعه، فإذا رأى الشاهد أو سمعه ينفسه جاز له أن يشهد، وإذا لم يره أو يسمعه ينفيه، فلا يحل له أن يشهد لقوله صلى الله عليه وسلم لشاهد: "تري الشمس: قال: نعم، فقال: على مثلها فاشهد أو دع". ـأخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف، وصححه الحاكم فأخطأ / الصنعاني، سبل السلام، 4/1481).








































المبحث الثاني



الطلاق في الزواج العرفي


























يحدث أحيانا أن يتفق الطرفان على الزواج العرفي وما يلبثان فيتفقا على إنهاء الزواج بالطلاق والطلاق يقع في مثل هذه الحالة، لكن المشكلة تظهر عندما يغيب الزوج أو يسافر فتنقطع أخباره، ولا تعلم الزوجة متى يعود؟؟

في هذه الحالة، إذا أرادت المرأة رفع دعوى إثبات الزواج من أجل التفريق، فإن التفريق في المحكمة لا يقع كون الزواج لم يوثق توثيقا رسميا مثبتا.

فهي في هذه الحالة في حيرة، إذ لا تستطع الزواج من آخر لأنها على ذمة الأول الغائب.

فقد رأى البعض أن للزوجة الحق في رفع دعوى إثبات طلاق سواء كان الزوج غائبا عنها لمدة طويلة أو انه فعلا طلقها، وذلك مع إنكار الزوج لواقعتي الزواج والطلاق.

ويقول المحامي هلال يوسف إبراهيم: "ونحن نتفق مع هذا الرأي لأنه يحل جميع المشاكل التي تترتب على الزواج العرفي وتتمكن الزوجة في هذه الحالة من الزواج بآخر حتى لا تنزلق إلى طريق الفساد وتحفظ عفتها".  (إبراهيم، هلال يوسف، أحكام الزواج العرفي، 103 – 104).








































المبحث الثالث


الحقوق المتبادلة بين الزوجين في الزواج العرفي


























الفرع الأول: العلاقات المالية بين الزوجين:

لا يترتب على الزواج اختلاط الحقوق المالية للزوجين بل تظل منفصلة ولكل منهما أمواله وممتلكاته الخاصة به.

أما بالنسبة للمهر فهو ليس ركنا من أركان الزواج فهو من حق المرأة فلها أحقية التصرف به كيفما شاءت طالما كانت رشيدة.

الفرع الثاني: الحقوق المشتركة بين الزوجين:

يترتب على الزواج الصحيح حقوق وواجبات مشتركة بين الزوجين منها:
1) حسي المعاشرة.
2) المعيشة المشتركة والمساكنة.
3) المخالطة الجسدية.
4) الميراث.

الفرع الثالث: حقوق الزوجة على زوجها: (النفقة)

تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نقسها إليه ولو حكما لو كانت موسرة أو مختلفة منه في الدين حكما، فلا يمنع مرض الزوجة من استحقاقها للنفقة، تشمل النفقة: الغذاء، الكسوة، مصاريف العلاج وغير ذلك بما قضى به الشرع.

الفرع الرابع: حقوق الزوج على زوجته (الطاعة):

إذا اعتبرنا أن العلاقة بين الزوجين تقوم على الوئام والمودة فلا يغير هذه العلاقة أن تكون الرئاسة لأكثرهما احتمالا وصبرا وبعد نظر وتعقل وهذا متوافر في الزوج، وجعل الرئاسة للزوج تستلزم أن يكون له عللا زوجته حق الطاعة وليس في هذا امتهانا لكرامتها او إحطاطا من شأنها، وليس معنى الطاعة أن تقتاد المرأة لكل رغبات الرجل المشروعة وغير المشروعة، لأن طاعة الزوجة واجبة في الحدود الشرعية.

المبحث الرابع: الآثار الاجتماعية للزواج العرفي:

كان من المفروض أن لا ينتج عن هذا العقد آثار سيئة لأنه وكما أسلفنا زواج شرعي، لا يختلف عن الزواج الذي كان يجري عليه العمل في ديار الإسلام، ولكن الواقع يدل على أنه أحدث آثارا سيئة ، ومرد هذه الآثار السيئة إلى أمرين:

الأول: الإشكالات القديمة التي صاحبت عقود الزواج التي لم تكن توثق، فكل واحد من الزوجين كان يمكنه أن ينتفي من الزوج الآخر، كما يستطيع أن ينفي الأولاد، وقد يموت الشهود، أو ينسون أو يتراجعون عن الشهادة، فلا يستطيع الزوج المطالب بإثبات الزوجية أن يثبت العقد بطريقة من طرائق الإثبات.

الثاني: السرية التي تصاحب عقد الزواج العرفي، فلأصل في الزواج الإعلان والإشهار، والأصل في الزواج العرفي الكتمان والإسرار، لأسباب أوردتها في الحالات التي دعت لإيجاده، والزواج في السر يضيع كثيرا من الحقوق، وخاصة حقوق الزوجة والأولاد، وقد لا تستطيع المرأة أن ترفع الأمر إلى القضاء، لأن القضاء يعاقب الذي يتزوج بهذه الطريقة، وقد يرفض القانون سماع الدعوى في القضايا التي تأتي من هذا النوع. (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 150).
















































المبحث الخامس



كيفية الحد من انتشار الزواج العرفي




















يرى الباحثون إلى أن انتشار ظاهرة الزواج العرفي في الآونة الأخيرة يجب أن تواجه بالكثير من الإجراأت ومنها (مغاوري، الإسلام وبناء الأسرة، ص186):

1) تقوية الوازع الديني لدى الشباب وتنمية التربية الدينية في عقولهم وفي ذلك ضمانة أكيدة تحد من الظلم والفساد.
2) فرض غرامة ضخمة يدفعها المتزوج عرفيا لزوجته الأولى التي تضار (يقع عليها الضرر) من هذا الزواج.
3) تعديل القانون، وذلك بمنع إبرام عقود الزواج العرفي بين المواطنين، والنص على بطلان هذا العقد، وعدم الاعتداد بآثاره.

تعليق على ما ورد أعلاه:

بالنسبة للرأي الأول الخاص بفرض غرامة على الزوج – المتزوج عرفيا ء، فهي بمصاب قيد إضافي على الزواج، ونحن نعلم أن من أهم الأسباب والدوافع للزواج وانتشاره لبك القيود المفروضة على الزواج، فيكون الأخذ بهذا الرأي إضافة لقيد جديد إلى القيود السابقة، وهذا مما لا يساهم في الحد في انتشار الزواج العرفي.

أما بالنسبة للرأي الآخر الذي ينادي بإلغاء الزواج العرفي، فلا شك أنه مخالف للشريعة الإسلامية، ولم يقل أحد من أهل العلم ببطلان مثل هذا الزواج الذي اكتملت وشروطه. (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، ص 149).

لقد عالج الإسلام الفساد وحارب الرذيلة بإغلاق ابوابها اولا (علاج وقائي)، فعلى سبيل المثال: فان الشارع الحكيم قبل أن يحرم الزنى أغلق الأبواب المؤدية إليه، فحرم النظر إلى الأجنبية وحرم الخلوة بها، وأمر باللباس الشرعي ونهى عن الاختلاط ..، كذلك الأمر هنا، فإنه من أجل معالجة ظاهرة الزواج العرفي كان لابد من تسهيل أمور الزواج ومتطلباته والتي اثقلت كواهل الشباب مما دفعهم إلى الزواج العرفي، وإن إضافة القيود على هذا النوع من الزواج سوف تزيد من حالات الانحلال الخلقي وتدفع بالشاب إلى البحث عن أبواب أخرى لتحقيق غرائزهم. فنلاحظ أن مثل هذه القيود تساهم في تعقيد الأمور بدلا من حلها. 

ويبقى الحل الأمثل لمشكلة انتشار الزواج العرفي هو التوعية الدينية في صفوف الشباب والشابات وغيرهم لضمان عدم وقوعهم في المحظور الشرعي. (مغاوري، الإسلام وبناء الأسرة، ص 187).










الخاتمة

وبناء على ما تقدم، فان الزواج الذي يعقد سرا خال من الولي والشهود، فهو زواج باطل باتفاق أهل العلم وما يترتب عليه فهو باطل. وإن عقد بولي وشهود، وتواصى الجميع على كتمانه فهو باطل عند مالك، صحيح عند سائر الأئمة، وإن عقد بولي من غير شهود فهو باطل عند الأئمة كلهم، خلافا للإمام مالك الذي لم يشترط على العقد حضور الشهود مشترطا بدلا من ذلك الإعلان والإشهار، أما الشهادة عنده فهي واجبة قبل الدخول، وإن عقد الزواج بدون ولي فهو باطل عند الأئمة غير الإمام الشافعي.

يظهر لنا من خلال هذا البحث المتواضع، أن قضية الفتوى بحرمة الزواج العرفي لعدم توثيقه قانونيا يحتاج الأمر إلى نظر وتمعن، فهو زواج شرعي، وإن طفت عليه شيء من السرية.
يقول أسامة الأشقر: "وفي الاتجاه المقابل فإن من يذهب إلى القول بحرمة هذا الزواج، فهو قول يحتاج أيضا إلى بيان وتفصيل الأسباب المصاحبة التي أدت إلى القول بذلك، فلا نعتبر تحريمهم له بوصفه زواجا عرفيا حكما سليما. وعلى هذا ينقشع الكثير من الخلاف حول الزواج العرفي إذا تم التعامل وفق الفهم السابق والله أعلم".

ويضيف أيضا: "إن إصدار بعض الفتاوى التي تدعو إلى منع الزواج العرفي من منطلق الساسة الشرعية، وحق القاضي ومن يقوم مقامه، إصدار غرامات وعقوبات، كل ذلك لا بد أن يسبق بمجموعة من الإحصاأت واستبيانات لدراسة المصالح والمفاسد الناتجة عن الزواج العرفي، ومن ثم الموازنة بينها، عوضا عن قيام هذه الفتاوى على الإعلام الذي تغافل ولأسباب عديدة عن إيجابيات هذا الزواج، وركز بشكل كبير على الجانب السلبي منه". (الأشقر، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، 156 – 158).

خلاصة القول، أن عقد الزواج العرفي وإن كان صحيحا من الناحية الشرعية ويمنح كلا الزوجين حل العشرة، لكنه لا يملك في أيامنا قوة إثبات الحقوق بين الزوجين إن وقع النزاع والخلاف بينهما، كما لا يستطيع إثبات نسب الأبناء من آبائهم، ولا إثبات التوارث بينهم.... وبالتالي فإن هذا النوع من العقود ـ وإن قلنا بحل العشرة به ـ فإننا ننصح عدم اللجوء إليه في أيامنا لأنه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة.














فهرس الآيات القرآنية

الرقم             الآيه السورة  رقم الآية   الصفحة
1
وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ البقرة  220     19
 2 فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ البقرة  229     19
 3 وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ البقرة   232     19
 4 وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ البقرة   282     18
 5 وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ الروم   21     1

















فهرس الأحاديث النبوية

الرقم                                            الحديث الصفحة
  1 ادرءوا الحدود بالشبهات   23
  2 أيما امرأة بغير إذن وليها، فنكاحها باطل فان دخل بها فلها بما استحل من فرجها، فان اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له   20
  3 ترى الشمس؟ قال: نعم، فقال: على مثلها فاسهد أودع   38
  4 لا نكاح إلا بولي وشاهدين 11، 18
  5 لا نكاح إلا بولي  19 
  6 الولد للفراش، وللعهر الحجر   37































المصادر والمراجع المعتمدة


1. إبراهيم، هلال يوسف، أحكام الزواج العرفي، الإسكندرية، دار المطبوعات الجامعية، 1995.

2. ابن تيمية، بقي الدين احمد، مجموع الفتاوى، تحقيق: عامر الجزار وآخرون، المنصورة، دار الوفاء، ط 1، 1997.

3. ابن جزي، محمد بن أحمد، القوانين الفقهية.

4. ابن رشد القرطبي، أبو الوليد محمد بن احمد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، حققه: ماجد الحموي، بيروت، دار ابن حزم، ط 1، 1995.

5. ابن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المحتار على الدار المختار، مطبعة البابي الحلبي، ط 2، 1966.

6. ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن احمد، المغني، تحقيق: عبد الله تركي وآخرون، القاهرة، مطبعة هجر القاهرة، ط 1، 1989.

7. ابن منظور، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دار صادر، ط 1، 1990.

8. إبن الهمام، كمال الدين محمد بن عبد الواحد، شرح فتح القدير على الهداية، بيروت، دار الفكر، ط 2.

9. الأشقر، أسامة عمر سليمان، مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق، عمان، دار النفائس، ط 1، 2000.

10. بخيت، مغاوري السد أحمد، الإسلام وبناء الأسرة، 1418 هـ ـ 1998، دار النهضة العربية، القاهرة ـ مصر.

11. ألبنا، كما صالح، الزواج العرفي ومنازعات البنوة، القاهرة، دار الكتب القانونية، 2002.

12. البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس، كشاف القناع عن متن الإقناع، تحقيق: محمد أمين الضناوي، بيروت، عالم الكتاب، ط 1، ج4. 1417 هـ ـ 1997م.

13. حسب الله، علي، الزواج في الشريعة الإسلامية، دمشق، دار الفكر العربي، ط 1، 1971.

14. خلاف، عبد الوهاب، علم أصول الفقه، بيروت، دار القلم، ط 12، 1978.

15. الخياط، عبد العزيز، نظرية العرف، عمان، مكتبة الأقصى.

16. الدردير، أبو البركات أحمد، الشرح الصغير على اقرب المسالك، حققه: كمال المرصفي، 1989.

17. الدسوقي، شمس الدين محمد عرفة، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير. القاهرة، مكتبة زهران.

18. ألزحيلي، وهبه، الفقه الإسلامي وأدلته، دمشق، دار الفكر، ط 3، 1989.

19. الزيلعي، فخر الدين عثمان بن علي، تبين الحقائق، تحقيق: أحمد عز وعناية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، ح2. 1420 هـ ـ 2000م.

20. الشربيني، محمد، مغني المحتاج إلى معرفة معاني المنهاج، القاهرة، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1985.

21. الشريف، حامد عبد الحليم، الزواج العرفي، القاهرة، مكتبة الدار البيضاء.

22. شلتوت، محمود، الفتاوى دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليومية والعامة، ط 8، 1395 هـ ـ 1975م، دار الشروق، القاهرة ـ مصر.

23. الشوكاني، محمد بن علي، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار، بيروت، دار الخير، ط 1، 1996.

24. الشيرازي، أبو إسحاق، المهذب في فقه الإمام الشافعي، دار القلم، دمشق، ط 1، 1417 هـ ـ 1996م.

25. الصنعاني، محمد بن إسماعيل، سبل السلام شرح بلوغ المرام، تحقيق: إبراهيم عصر، القاهرة، دار الحديث، ط 7، 1992.

26. الطنطاوي، علي، فتاوى علي الطنطاوي، جمعها ورتبها: مجاهد ديرانية، دار المنارة، ط 4، 1991.

27. عبدالهادي، أبو سريع محمد، زواج المتعة، دار الذهبية، القاهرة ـ مصر.

28. عقلة، محمد، نظام الأسرة في الإسلام، عمان، مكتبة الرسالة، ط 2، 1989.

29. العمراني، محمد الكدي، فقه الأسرة المسلمة في المهاجر، ط 1، 1422 هـ ـ 2001م، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.

30. عمرو، عبد الفتاح، السياسة الشرعية في الأحوال الشخصية، عمان، دار النفائس، ط 1، 1996.
31. الغندور، احمد، الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي، الكويت، مكتبة الفلاح، ط 3، 1985.

32. الكاساني، علاء الدين بن أبي بكر بن مسعود، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، بيروت، دار الكتاب العربي، ط 2، 1982.

33. مجلة البحوث الفقهية، العدد 36، السنة 9، رجب / نوفمبر 1418 ـ 1997.

34. مخلوف، محمد حسنين، فتاوى شرعية وبحوث إسلامية، القاهرة، دار الاعتصام.

35. الناطور، مثقال، المرعي في القانون الشرعي. القدس، ط 2، 1417 هـ ـ 1996م.

36. النووي، شرف الدين، روضة الطالبين وعمدة المغنين، بيروت، المكتب الإسلامي، ط 3، 1991.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق