الاقتصاد السياسي: انماط الانتاج ماقبل الراسمالية




المقدمة :


(أقدم هذه الترجمة في الظرف الراهن لسببين : اولا اهمية الاقتصاد السياسي باعتباره ركيزة اساسية من ركائز النظرية الماركسية عامة والتي بدونها لايمكن فهم المشاريع الامبريالية والرجعية التي تحاك ضد شعبنا العربي وثانيا تبيان ان مشاريع بعض الاحزاب البرجوازية الصغيرة لاعلاقة لها بجوهر الاقتصاد السياسي الماركسي بل انها نسخة رديئة للاشتراكية الديمقراطية في فرنسا او اسبانيا...ففي تونس يكفي دراسة برنامج حزب العمال او الحزب الوطني الديمقراطي الموحد او مشاريع الحزب الوطني الاشتراكي "الثوري"للتثبت في تناقض هذه البرامج الاشتراكية الديمقراطية مع الاقتصاد السياسي الماركسي.)

الاقتصاد السياسي جزء من العلوم الاجتماعية يدرس قوانين الانتاج وتوزيع الخيرات المادية في مختلف مراحل تطور المجتمع البشري.
شكّل الانتاج المادي اساس حياة المجتمع.ولكي يعيش الانسان عليه أن يوفر المأكل والملبس وبعض الخيرات المادية الاخرى.لذلك فهو مضطر الى انتاجها ومضطر للعمل في سبيل الحصول عليها.
ينتج الانسان الخيرات المادية ويصراع الطبيعة لابصفة فردية بل بصفة جماعية في شكل مجموعات.ولهذا السبب فان الانتاج هو على الدوام وفي كل الظروف انتاج اجتماعي.والعمل هو شكل من اشكال نشاط الكائن الاجتماعي.
ان انتاج الخيرات المادية يستلزم: 1-عمل الانسان.2-مادة العمل.3- وسائل العمل.
ان العمل هو نشاط عقلاني للانسان,يقوم بواسطته بتحويل المواد الطبيعية واستعمالها لسد حاجياته.فهو ضرورة طبيعية وشرط مطلق لوجود البشر, تستحيل الحياة البشرية بدونه.
ان مادة العمل هي كل ما يجري عليه عمل الانسان ويمكن ان توفر الطبيعة مواد العمل مثل الشجرة التي نقطعها في الغاب والمعدن الذي نستخرجه من باطن الارض.والمواد الاولية هي مواد العمل التي جرى عليها العمل مثل المعدن في مصنع التعدين أو القطن في معمل الغزل والخيوط في مصنع النسيج.
أما وسائل العمل فتشمل كل الاشياء التي يستعملها الانسان في تحويل مادة العمل.وهي اولا وقبل كل شيئ أدوات الانتاج وكذلك الارض ومنشآت الاستثمار والطروقات والقنوات والمخازن الخ...
وتلعب أدوات الانتاج الدور الحاسم في وسائل العمل وتشمل ادوات الانتاج الوسائل التي يستعملها الانسان في عمله بدءا بالادوات الحجرية البدائية وانتهاءا بالالات العصرية.ان مستوى تطور أدوات الانتاج يحدد درجة سيطرة المجتمع عل الطبيعة ودرجة تطور الانتاج. وان ما يميز مختلف المراحل الاقتصادية عن بعضها ليس ما تنتجه بل اسلوب انتاج الخيرات المادية وأدوات الانتاج المستعملة لذلك.
وتشكل مواد العمل ووسائل العمل وسائل الانتاج. ووسائل الانتاج لايمكن أن تنتج شيئا بدون قوة العمل.فلكي يبدأ العمل ولكي تبدأ عملية خلق الخيرات المادية يجب ان تتكامل قوة العمل مع أدوات الانتاج.
ان قوة العمل هي قدرة الانسان على العمل انها مجموع القوى البدنية والعقلية التي ينتج بفضلها الخيرات المادية وهي العنصر الحاسم في الانتاج. ومع تطور أدوات الانتاج تتطور كذلك عند الانسان القدرة على العمل والمهارة والحذق والبراعة .
وتتركب القوى المنتجة في المجتمع من أدوات الانتاج التي يتم بفضلها انتاج الخيرات المادية ومن البشر الذين يستعملون هذه الادوات وينتجون الخيرات بفضل تجربتهم في حقل الانتاج. إن الجماهير الكادحة هي القوة المنتجة الرئيسية في المجتمع البشري في جميع مراحل تطوره.
وتعبّر القوى المنتجة عن علاقات البشر بمواد الطبيعة وقواها التي يستعملها البشر في انتاج الخيرات المادية.بيد أن البشر في عملية الانتاج لاتربطهم علاقة بالطبيعة وحسب بل هم كذلك مرتبطون فيما بينهم بعلاقة محددة :"فهم لاينتجون الا بالتعاون بطريقة محددة وبتبادل نشاطاتهم فيما بينهم.ولكي ينتجوا فانه لزاما عليهم ان يرتبط بعضهم ببعض وفي علاقات محددة.ولايتم تأثيرهم على الطبيعة والانتاج الا في حدود هذه الروابط والعلاقات الاجتماعية"(كارل ماركس-رأس المال والعمل المأجور)
إن علاقات البشر فيما بينهم أثناء عملية الانتاج للخيرات المادية تشكل علاقات الانتاج:
أ‌- أشكال ملكية وسائل الانتاج.-ب- موقع مختلف الجماعات الاجتماعية في الانتاج وعلاقاتها فيما بينها.-ج-أشكال توزيع المنتوجات المرتبطة بملكية وسائل الانتاج وموقع البشر في الانتاج.
إن طابع علاقات الانتاج محدد بطابع ملكية وسائل الانتاج (الارض,الغابات, المياه,خبايا الارض,المواد الاولية,أدوات الانتاج,منشآت الاستثمار,وسائل النقل والمواصلات...)فاما ان تكون هذه الملكية ملكية افراد أو فئات اجتماعية او طبقات تستعملها لاستغلال الكادحين واما ان تكون ملكية اجتماعية هدفها هو تلبية الحاجيات المادية والثقافية للجماهير الشعبية .وتبين صفة علاقات الانتاج كيفية توزيع وسائل الانتاج بين افراد المجتمع وبالتالي توزيع الخيرات المادية التي أنتجها الانسان.وهكذا فان الشكل الخاص لملكية وسائل الانتاج هو الذي يحدد الطابع المميز لعلاقات الانتاج.
وتحدد علاقات الانتاج كذلك علاقات التوزيع الملائمة لها.فالتوزيع هو الرابط بين الانتاج والاستهلاك.
ان منتوجات المجتمع تصلح اما للاستهلاك المنتج واما للاستهلاك الفردي.والاستهلاك المنتج هو استعمال وسائل الانتاج لغرض خلق الخيرات المادية اما استهلاك الفرد فيلبي حاجيات الانسان مأكلا وملبسا ومسكنا...
ان توزيع مواد الاستهلاك الفردي المنتج يتوقف هو نفسه على توزيع وسائل الانتاج.ففي المجتمع الراسمالي يملك الراسماليون وسائل الانتاج وتبعا لذلك منتوجات العمل.اما العمال فهم مجردون من وسائل انتاج ولذلك فهم مضطرون للعمل -لكي لايموتوا جوعا- لفائدة الراسماليين الذين يستأثرون بمنتوجاتهم اما في المجتمع الاشتراكي فان وسائل انتاج تصبح ملكية اجتماعية وبالتالي فان منتوج العمل يعود للكادحين.
وفي التشكيلات الاجتماعية التي يوجد فيها انتاج سلعي فان توزيع الخيرات المادية يتم عن طريق تبادل البضائع.
وشكل الانتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك وحدة يعود الدور الحاسم فيها للانتاج.وتؤثر الاشكال المحددة للتوزيع والتبادل والاستهلاك من ناحيتها بفعالية على الانتاج فتساعد تطورة او تعرقله.
ان "مجمل علاقات الانتاج تشكل البنية الاقتصادية للمجتمع والاساس الحقيقي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي وسياسي تلائمه اشكال محددة من الوعي الاجتماعي"(كارل ماركس-مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي)
وعندما ينشأ البناء الفوقي فانه يؤثر بفعالية على الاساس الاقتصادي فيعجّل تطوره او يعرقله. وللانتاج جانبان:أحدهما تقني والاخر اجتماعي.وتهتم العلوم الطبيعية والتقنية مثل الفيزياء والكيمياء والتعدين والميكانيك والعلوم الفلاحية الخ بدراسة الجانب التقني من الانتاج.
اما الاقتصاد السياسي فيدرس الجانب الاجتماعي للانتاج وعلاقات البشر فيما بينهم في الانتاج الاجتماعي أي العلاقات الاقتصادية وقد كتب لينين يقول:"ان الاقتصاد السياسي لايهتم أبدا بالانتاج بل بالعلاقات الاجتماعية بين البشر في الانتاج-البنية الاجتماعية في الانتاج-(لينين-تطور الراسمالية في روسيا)
ويدرس الاقتصاد السياسي علاقات الانتاج في تفاعلها مع القوى المنتجة.وتشكل القوى المنتجة وعلاقات الانتاج وحدة هي نمط الانتاج.
ان القوى المنتجة هي الاكثر حركية وثورية في الانتاج ويبدأ تطور الانتاج بتغييرات في قوى الانتاج وقبل كل شيئ بتغيير وتطور أدوات الانتاج فتنشأ عن ذلك في علاقات الانتاج تغييرات مطابقة.وتؤثر علاقات الانتاج بين البشر التي يرتبط تطورها بنمو القوى المنتجة تاثيرا قويا على القوى المنتجة.
فالقوى المنتجة لايمكن ان تتطور بدون قيد الا اذا كانت علاقات الانتاج تطابق حالة القوى المنتجة.وفي درجة معينة من التطور تتجاوز القوى المنتجة تطابق علاقات الانتاج القائمة وتدخل في صراع معها.فتصبح علاقات الانتاج عائقا لتطور قوى المنتجة بعد ان كانت شكلا ملائما لنموها.ولهذا السبب بالذات تعوّض علاقات الانتاج القديمة بعلاقات جديدة تطابق مستوى تطوروطبيعة القوى المنتجة للمجتمع ويجر تغير القاعدة الاقتصادية للمجتمع تغيير بنائه الفوقي وتبرز وتتطور في صلب التشكيلة القديمة نفسها الشروط المادية للانتقال من علاقات الانتاج القديمة الى العلاقات الجديدة.وتفسح علاقات الانتاج الجديدة المجال واسعا لتطور القوى المنتجة.
ان قانون التطابق الضروري بين علاقات الانتاج وطبيعة القوى المنتجة هو اذن قانون اقتصادي لتطور المجتمع.
وفي المجتمع القائم على الملكية الخاصة واستغلال الانسان للانسان فان الصراع بين القوى المنتجة وعلاقات الانتاج يتجلى في الصراع الطبقي.فيتم اذاك الانتقال من نمط الانتاج القديم الى الجديد بالثورة الاجتماعية.
ان الاقتصاد السياسي هو علم تاريخي فهو يدرس الانتاج المادي في اشكاله الاجتماعية المحددة تاريخيا والقوانين الاقتصادية الخاصة في محتلف انماط الانتاج.وتعبر القوانين الاقتصادية عن جوهر الظواهر والعمليات الاقتصادية وعن الرابط الباطني بين السبب والنتيجة والعلاقات المتبادلة فيما بينها.
ان قوانين التطور الاقتصادي هي قوانين موضوعية فهي تنشأ وتفعل فعلها على اساس الظروف الاقتصادية المحددة بمعزل عن ارادة الانسان.وبمقدور الانسان ان يعرف هذه القوانين ويستعملها لفائدة المجتمع غير انه عاجز عن الغاء القوانين الاقتصادية او خلقها.
ولاستعمال القوانين الاقتصادية في المجتمع الطبقي محتوى طبقي فتستعمل الطبقة "الطليعية" في كل تشكيلة اجتماعية القوانين الاقتصادية لصالح تطور تقدمي للمجتمع في حين تعارضه الطبقات التي ولى عهدها .
ولكل نمط انتاج قانونه الاقتصادي الاساسي الذي يعبر عن جوهره ويحدد جوانبه الرئيسية والخطوط الرئيسية لتطوره.
ان الاقتصاد السياسي "يدرس اولا وقبل كل شيئ القوانين الخاصة لكل درجة من درجات تطور الانتاج والتبادل وبعد ذلك فقط يمكنه تحديد بعض القوانين العامة التي تبقى صالحة لكل حالات الانتاج والتبادل"(انجلز-ضد ديهرينغ- ج2)
وبالتالي فان تطور مختلف التشكيلات الاجتماعية يخضع على حد السواء للقوانين الاقتصادية الخاصة بها وكذلك للقوانين الصالحة لكل التشكيلات مثل قانون التطابق الضروري بين علاقات الانتاج وطابع القوى المنتجة لذلك فان التشكيلات الاقتصادية ليست وحسب مميزة عن بعضها بالقوانين الاقتصادية الخاصة بكل نمط انتاج معين بل هي مرتبطة كذلك فيما بينها بقوانين اقتصادية صالحة لجميعها.
ويدرس الاقتصاد السياسي النماذج الاساسية لعلاقات الانتاج التي عرفها التاريخ :المشاعية البدائية,العبودية,الاقطاعية,الراسمالية,الاشتراكية.ان المشاعية البدائية هي نظام اجتماعي لم يعرف الطبقات اما العبودية والاقطاعية والراسمالية فهي اشكال مختلفة لمجتمعات قائمة على اساس استعباد الجماهير الكادحة واستغلالها اما الاشتراكية فهي نظام اجتماعي يضع حدا لاستغلال الانسان للانسان.ويدرس الاقتصاد السياسي كذلك تطور الانتاج الاجتماعي من الاشكال الدنيا الى الاشكال العليا ونشوء وتطور واختفاء الانظمة الاجتماعية القائمة على استغلال الانسان للانسان .ويبين كيف ان مسار التاريخ كله يمهد لانتصار النمط الاشتراكي للانتاج.انه يدرس علاوة عن ذلك القوانين الاقتصادية للاشتراكية قوانين نشوء المجتمع الاشتراكي وتطوره الى المرحلة العليا من الشيوعية.
وهكذا فان الاقتصاد السياسي هو علم يتناول بالبحث تطور علاقات البشر فيما بينهم في الانتاج الاجتماعي أي العلاقات الاقتصادية بين البشر ويبرز القوانين التي تحكم الانتاج وتوزيع الخيرات المادية في المجتمع البشري في مختلف مراحل تطوره.
ان منهاج الاقتصاد السياسي الماركسي هو منهاج المادية الجدلية فالاقتصاد الماركسي اللينيني يطبق المبادئ الاساسية للمادية الجدلية والمادية التاريخية في دراسة النظام الاقتصادي للمجتمع.

وخلافا لعلوم الطبيعة مثل الفيزياء والكيمياء الخ فان الاقتصاد السياسي في دراسة النظام الاقتصادي للمجتمع لايمكنه ان يركن الى المحاولات والتجارب المخبرية التي تتم في ظروف اصطناعية تزيل الظواهر...
وقد اشار ماركس الى:"ان تحليل الاشكال الاقتصادية لايمكن ان يستعين بالمجهر او التفاعلات الكميائية.فالتجريد هو القوة الوحيدة التي يعتمد عليها"(أي الاقتصاد السياسي)(راس المال)
يبرز نظام اقتصادي بملامحه المعقدة والمتناقضة بيد ان الدراسة العلمية يجب ان تتجاوز المظاهر السطحية للظواهر الاقتصادية وان تستعين بالتحليل النظري لتبيان العمليات الباطنية والمميزات الاقتصادية الاساسية التي تعبر عن جوهر علاقات الانتاج المحددة وان تغض النطر عن المميزات الثانوية..
ان هذا التحليل العلمي يؤدي الى التصنيفات الاقتصادية أي المفاهيم التي هي التعبير النظري عن العلاقات الحقيقية للانتاج في تشكيلة اجتماعية محددة مثل البضاعة والنقد والتصرف المتوازن وسعر التكلفة ويوم العمل ...
يتمثل منهاج ماركس في الارتفاع التدريجي من التصنيفات الاقتصادية الاكثر بساطة الى أكثرها تعقيدا الشيئ الذي يطابق الحركة التصاعدية للمجتمع المتطور من الاشكال الدنيا الى الاشكال العليا,وفي هذا التحليل لتصنيفات الاقتصاد السياسي فان البحث المنطقي يدعم بالتحليل التاريخي للتطور الاجتماعي.
ولما حلل ماركس علاقات الانتاج الراسمالية ,بدأ يكشف النقاب عن العلاقات العامة الاكثر بساطة والاكثر تداولا: تبادل البضع. وبيّن ان في البضاعة خلية الاقتصاد السياسي,تكمن تناقضات الراسمالية.
وانطلاقا من تحليله للبضاعة فقد شرح ظهور النقد وحدد عملية تحول النقد الى راسمال وكشف جوهر الاستغلال الراسمالي.وبين كيف ان التطور الاجتماعي يؤدي حتما الى سقوط الراسمالية وانتصار الشيوعية.
وقد أشار لينين ان عرض الاقتصاد السياسي يجب ان يحدد المراحل المتتالية للتطور الاقتصادي لذلك فان هذا الكتاب سيتناول بالبحث التصنيفات الاساسية للاقتصاد السياسي-البضاعة- القيمة- النقد-راس المال الخ...في ترتيبها التاريخي الذي ظهرت وفقا له في مختلف مراحل تطور المجتمع البشري.ولهذا فاننا سنجد بعض المفاهيم الاولية حول البضاعة والنقد في الفصول المخصصة للتشكيلات ماقبل الراسمالية .
بيد ان هذه التصنيفات سيتم تحليلها بصورة أعمق في الجزء المخصص لدراسة الاقتصاد الراسمالي المتطور حيث تاخذ هناك كل ابعادها.وسيقع اتباع نظام العرض نفسه في دراسة الاقتصاد الاشتراكي.وفي الجزء المخصص لمرحلة الانتقال من الراسمالية الى الاشتراكية سيرد مفهوم اولي للقانون الاقتصادي الاساسي للاشتراكية وقانون التطور المتوازن للاقتصاد الوطني والتوزيع حسب العمل والقيمة والنقد...غير ان الدراسة الضافية لهذه القوانين وهذه التصنيفات ستتم في الجزء المخصص ل"النظام الاشتراكي للاقتصاد الوطني".
وخلافا للتاريح فان الاقتصاد السياسي لايتناول بالبحث تاريخ تطور المجتمع من كل جوانبه الملموسة ,انه يحدد مفاهيم اساسية حول المميزات الجوهرية لكل نظام اقتصادي اجتماعي.
ويوجد الى جانب الاقتصاد السياسي فروع علمية أخرى تدرس العلاقات الاقتصادية في الفروع الخاصة بالاقتصاد الوطني وعلى اساس القوانين التي اكتشفها الاقتصاد السياسي مثل اقتصاد الصناعة والفلاحة الخ...
ولايهتم الاقتصاد السياسي بالمشاكل الوهمية المعزولة عن الحياة بل بالمسائل الحقيقية والملحة-ان صح التعبير-المتعلقة بالمصالح الحيوية للبشر والمجتمع والطبقات.
فهل ان سقوط الامبريالية وانتصار النظام الاشتراكي امر حتمي؟وهل ان مصالح الراسمالية متناقضة مع مصالح المجتمع والتقدم البشري؟وهل ان الطبقة العاملة هي حافرة قبر الراسمالية؟وهل هي مدعوة لتحرير المجتمع من الراسمالية؟
يقدم الاقتصاديون عن كل هذه الاسئلة وعن اسئلة اخرى مماثلة أجوبة مختلفة باختلااف المصالح الطبقية التي يعبرون عنها.وهذا ما يفسر عدم وجود اقتصاد سياسي موحد لكل طبقات المجتمع ووجود عدة انواع من الاقتصاد السياسي هي:الاقتصاد السياسي البرجوازي-الاقتصاد السياسي البروليتاري وأخيرا الاقتصاد السياسي للطبقات الوسطى-الاقتصاد السياسي البرجوازي الصغير.
لذلك فانه من الخطأ التام الزعم بان الاقتصاد السياسي هو علم محايد وانه ليس علما متحزبا وانه مستقل عن صراع الطبقات الاجتماعية ولاعلاقة له بصفة مباشرة أو غير مباشرة باي حزب سياسي كما زعم بعض الاقتصاديين.
فهل يوجد اقتصاد سياسي موضوعي غير متحزب لايخشى الحقيقة؟ نعم بدون أي شك.وان مثل هذا الاقتصاد السياسي لايمكن ان يكون غير الاقتصاد الساسي للطبقة التي ليست لها مصلحة في اخفاء تناقضات الراسمالية ولافي الابقاء على النظام الراسمالي:أي الطبقة التي تنسجم مصالحها مع انعتاق المجتمع من الاستعباد الراسمالي,الطبقة التي تنسجم مصالحها مع التقدم البشري,هذه الطبقة هي الطبقة العاملة.ولذلك فان الاقتصاد السياسي الذي يدافع عن مصالح الطبقة العاملة هو وحده الموضوعي.وهذا الاقتصاد هو الاقتصاد الماركسي اللينيني.
ان الاقتصاد السياسي الماركسي هو عنصر أساسي من النظرية الماركسية اللينينية.ولقد كان ماركس وانجلز القائدان والمنظران الكبيران للطبقة العاملة هما الذان وضعا أسس الاقتصاد السياسي البروليتاري.ولقد اوضح ماركس في مؤلفه العبقري"راس المال"القوانين التي تحكم نشوء الراسمالية وتطورها وسقوطها وقدم البرهان الاقتصادي على حتمية الثورة الاشتراكية وقيام ديكتاتورية البروليتاريا.ولقد صاغ ماركس وانجلز الخطوط العريضة لنظرية مرحلة الانتقال من الراسمالية الى الاشتراكية ومرحلة المجتمع الشيوعي.
ولقد طوّر لينين مؤسس الحزب الشيوعي والدولة السوفياتية والمكمل العبقري لعمل ماركس وانجلز طور العقيدة الاقتصادية الماركسية في مؤلفاته.وأثرى لينين العلم الاقتصادي الماركسي بتلخيصه التجربة المكتسبة في الظروف الجديدة للتطور التاريخي وباكتشاف النظرية الماركسية حول الامبريالية ,فبين الطبيعة الاقتصادية والسياسية للامبريالية وحدد العناصر الاولى للقانون الاقتصادي الاساسي للراسمالية الحديثة.وصاغ الخطوط العريضة لنظرية الازمة العامة للراسمالية.
فهو باني النظرية الجديدة حول الثورة الاشتراكية. كما قدم حلا عمليا للمسائل الرئيسية المتعلقة ببناء الاشتراكية والشيوعية.
ولقد صاغ ستالين تلميذ لينين ورفيق سلاحه العظيم وطور عددا معينا من الموضوعات الجديدة وذلك بالاعتماد على المؤلفات الاساسية لماركس وانجلز ولينين الذين وضعوا اسس اقتصاد سياسي علمي.
كما ان مقررات الحزب الشيوعي للاتحاد السوفياتي والاحزاب الشيوعية الشقيقة وأعمال تلامذة ورفاق لينين وستالين ,قادة هذه الاحزاب ساهموا بدورهم في اثراء النظرية الاقتصادية الماركسية اللينينية باستنتاجات وموضوعات جديدة انطلاقا من تلخيص ممارسة النضال الثوري وبناء الاشتراكية.
ان الاقتصاد السياسي الماركسي اللينيني هو سلاح ايديولوجي جبار في يد الطبقة العاملة وكل البشرية الكادحة التي تناضل من أجل التحرر من الاضطهاد الراسمالي.
وتكمن قوة وحيوية النظرية الاقتصادية الماركسيسة اللينينية في كونها تسلح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة بمعرفة قوانين التطورالاقتصادي للمجتمع وتفتح لهم آفاقا واضحة وتمنحهم الثقة في الانتصار النهائي للشيوعية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق