المدخل لدراسة العلوم الإقتصادية 1

 


مفهوم علم الاقتصاد/
هو أحد العلوم الاجتماعية أو الإنسانية الذي يدرس كيفية توظيف الموارد الاقتصادية أو عناصر الإنتاج لإنتاج السلع والخدمات التي تشبع حاجات أفراد المجتمع المتعدد.
عناصر الإنتاج/
1.
العمل: وهو كل مجهود ذهني أو عضلي يبذل في العملية الإنتاجية والعمل هو الموارد الإنتاجية.
عائد - عنصر العمل هو / الراتب أو الأجر.
2.
رأس المال وهو كل ما يمتلكه المجتمع من آلالات ومعدات تساهم في العملية أو تستخدم في الإنتاج .
عائد عنصر رأس المال/ الفائدة.
3.
الأرض أو الموارد الطبيعية والأرض وما عليها وما تحتها وما يحيط بها مما يمكن استخدامه في الإنتاج .
عائد عنصر الأرض / الإيجار أو الريع.
4.
المنظم وهو مدير لهذه العناصر.
عائد المنظم هو/ الربح.
**
تتسم عناصر الإنتاج بالندرة النسبية مقارنه بحاجات أفراد المجتمع .
---------

السلع والخدمات الإقتصادية/
هي السلع والخدمات التي يحتاجها أفراد المجتمع وتشبع رغباتهم .
السلع إما أن تكون استهلاكية فتستهلك فوراً كالمواد الغذائية أو تستهلك بعد فترة وهي المعمرة كالسيارات مثلاً.
الخدمات/
كخدمة الطبيب المهندس النقل.
السلع والخدمات التي تساهم في إنتاجها عناصر الإنتاج تعد نادرة نسبياً .

*
تعريف الندرة النسبية/
هي وجود الشيء مع عدم كفايته .
---------
مفهوم علم الاقتصاد الإسلامي/
هو علم دراسة وتحليل سلوك الفرد والمجتمع تجاه الموارد الإنتاجية من أجل تحقيق الرخاء في إطار التعاليم الإسلامية.
علم الاقتصاد الإسلامي يأخذ بعدين رئيسيين/
1.
بعد عقيدي من خلال التزام أفراد المجتمع بأحكام الشريعة الإسلامية.
2.
تحليلي أو اقتصادي من خلال الاستعانة بالتحليل الاقتصادي العلمي في مواجهة المشكلات والظواهر الاقتصادية في المجتمع الإسلامي.

المشكلة الاقتصادية تنشأ نتيجة الندرة النسبية للموارد الإقتصادية وعناصر الإنتاج وتعدد حاجات أفراد المجتمع المراد إشباعها أي أن حاجات الأفراد أكبر من الموارد ولا يوجد تناسب من الموارد ولا يوجد تناسب بين ما يتوفر من موارد اقتصادية محدودة بين حاجات الإنسان المتزايدة .
*
لمواجهة المشكلة الاقتصادية في أي مجتمع لابد من الإجابة على ثلاثة أسئلة:
1.
ماذا ينتج المجتمع من السلع والخدمات؟
2.
كيف ينتج المجتمع هذه السلع والخدمات؟
3.
لمن ينتج المجتمع؟

1.
ماذا ينتج المجتمع من السلع والخدمات؟
هناك قائمة طويلة جدا من السلع والخدمات على المجتمع أن يختار تلك التي ينبغي إنتاجها وبأية كمية وتختلف هذه القائمة من مجتمع لآخر كما تختلف داخل المجتمع نفسه من وفد لآخر وذلك حسب الكمية والنوعية المتوفرة من عناصر الإنتاج .
2.
كيف ينتج المجتمع هذه السلع والخدمات؟
أي ما هو الأسلوب هو الوسيلة المثلى التي يتم بها إنتاج هذه السلع والخدمات وهي الكيفية التي يتم عن طريقها مزج عناصر الإنتاج المتوفرة في المجتمع وتعتمد كيفية إنتاج هذه السلع على مدى توافر عناصر الإنتاج.
3.
لمن ينتج المجتمع؟
أي على من يتم توزيع السلع والخدمات التي تم اتخاذ القرار بإنتاجها.
ويُجيب عن هذا السؤال من خلال نظرية التوزيع فقد تترك الإجابة لآلية السوق "العرض والطلب" أو أن الدولة تتدخل في إعادة توزيع الدخل.
المصطلحات الاقتصادية:
التوظيف الكامل/
أي أن جميع موارد الدولة موظفة توظيفاً كاملاً وكفء أي أن جميع الموارد في المجتمع يتم استخدامها.
الكفاءة/
معيار يُشير إلى مدى فاعلية النظام الاقتصادي في استخدام الموارد.
تكلفة الفرصة البديلة أو "التضحية"/
هي عدد الوحدات التي يتم التخلي عنها من سلعة ما مقابل الحصول على وحدات إضافية من سلعة أخرى.
(
الأنظمة الإقتصادية )
النظام الرأسمالي:-
تعود أسس النظام الرأسمالي إلى الاقتصاد آدم سمنت وهو نظام يمتلك فيه الأفراد غالبية عناصر الإنتاج والهدف الأساسي تحقيق أعلى ربح.
خصائص النظام:
1.
الملكية الخاصة أوالفردية :
تشمل الملكية الفردية كل أنواع الثروة المختلفة فللأفراد حرية التملك والتصرف لا تتنافى في هذه الملكية مع الملكية العامة لبعض المشروعات كـ(الكهرباء والطرق), ولا تتعارض هذه مع ما يرتبط بها من حرية تصرف مع قيام القانون بتنظيم استخدام هذا الحق.
2.
الحرية الاقتصادية للفرد:
باستثمار أمواله بالأنشطة الاقتصادية المتعددة وله الحق في إنفاق دخله على السلع والخدمات أو ادخار جزء منه أو توظيفه في أوجه الاستثمارات المختلفة , وتشمل : ( حُرية الانتاج , وحرية الإستهلاك , حرية التصرف , اختيار مهنة ....) وهذه الحريات مكفولة للفرد بشرط ألا تتعارض مع أحكام النظام العام .
3.
حافز الربح :
الربح هو المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في النظام الرأسمالي حيث يحدد الربح نوع النشاط الاقتصادي الذي يُفضله الأفراد الذين يتخذون القرارات الانتاجية بغية الحصول على أكبر عائد ممكن.
4.
آلية السوق:
يعتمد الاقتصاد الرأسمالي بشكل رئيسي على آلية السوق في حل المشكلة الاقتصادية حيث تتحدد آلية توزيع النتائج مع تحقيق التوازن بين المتغيرات الاقتصادية من خلال الأسعار.
5.
أهمية المنافسة الكاملة وسيادة المستهلك:
تفترض المنافسة الكاملة ما يلي:
1/
وجود عدد كبير من البائعين والمشترين.
2/
حرية الدخول في مجال الإنتاج والخروج منه.
3/
حرية شراء السلع والخدمات أو عدم شرائها.
هذه المنافسة بين الأفراد تمنع استغلال الأفراد والجماعات بعضهم لبعض.
أما بالنسبة للمستهلك فللمستهلك دور هام في توجيه الانتاج حيث يحرص المنتجون على إشباع رغبة المستهلك ليحققوا أعلى ربح .
6.
عدم التدخل الحكومي:
تنحصر مهام الدولة للنظام الرأسمالي في تأمين النظام الأمني وتطبيق القانون حيث يرى هذا النظام أن الدولة تكون أكثر فاعلية في الاقتصاد عندما تقلل التدخل في النشاط وتفسح المجال بشكل أكبر لحرية الأفراد في النشاط الاقتصادي.
/*/*/*/
النظام الاشتراكي:
قام هذا النظام على يد الاقتصادي كارل ماركس بعد أن انتقد النظام الرأسمالي بسوء توزيع الدخل و الثروة,وهو نظام يُلغي الملكية الفردية حيث تقوم الدولة نيابة عن المجتمع بتملك وسائل الإنتاج وتوجيه هذه الموارد لإشباع الحاجات الأساسية لا لتحقيق الربح بل لتحقيق المزيد من العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع.
**
خصائص النظام الاشتراكي/
1.
الملكية العامة لعناصر الإنتاج:
تمتلك الدولة في هذا النظام جميع عناصر الإنتاج عدا العمل حيث تقوم الدولة بتوجيه الموارد الإنتاجية إلى فروع الأنشطة الاقتصادية المختلفة في شكل خطة شاملة وتلتزم جميع الوحدات الإنتاجية بتنفيذ هذه الخطة.
2.
الإشباع الجماعي للحاجات وليس لتحقيق الربح:
يهدف النظام الاشتراكي إلى إشباع الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع سواء في صورة سلع أو خدمات لهذا يهدف النظام الاشتراكي بكون تحديد أسعار السلع والخدمات يتم من قبل الدولة حيت لا أثر للعرض أو الطلب أو تحقيق الربح في ظل هذا النظام .
3.
توزيع الناتج على أساس العمل:
عناصر الإنتاج في النظام الاشتراكي مملوكة للدولة باستثناء العمل لذلك فإن عوائد عناصر الإنتاج تعود للدولة ولا يُوزع على الأفراد إلا عائد العمل ويتوقف نصيب الفرد على مستوى عمله وطبيعته.
4.
جهاز التخطيط المركزي:
نتيجة لاستهلاك الدولة لوسائل الإتناج وتوجيهها لتحقيق إشباع حاجات المجتمع فعليها أن تضع خطة مركزية يقوم جهاز مركزي بإعدادها والإشراف عليها ومراقبتها.
*/*/*/*
النظام الإسلامي
النظام الإسلامي لا يرى المشكلة الاقتصادية على أساس أنها مشكلة إنتاجية فقط أو مشكلة توزيعية فقط كما تراها الأنظمة الأخرى بل يراها مشكلة : ( سلوك خاص وعام ـــ
مشكلة إنتاجية ــــ مشكلة توزيعية)

1/
مشكلة سلوك خاص وعام/
من خلال تنظيم سلوك الأفراد من خلال التعاليم الإسلامية رغبة في الأجر والثواب من الله .
2/
مشكلة إنتاجية/
من خلال تنمية الإنتاج وتطويره من قبل القطاع الخاص إلى جانب مسئولية الحكومة.
3/
مشكلة توزيعية/
من خلال تحقيق العدالة في التوزيع وتنقسم المسئولية إلى مسئولية أفراد وحكومة.
خصائص النظام الاقتصادي الإسلامي/
1.
الجمع بين الروح والمادة في الاقتصاد:
يقوم النظام الإقتصادي في الإسلامـ على المزاوجة بين الروح والمادة, وذلك لإبراز نظام يقوم على التعاون والتراحم بين أفراد المجتمع وتبرز هذه المزاوجة في جميع المعاملات والنشاطات الاقتصادية على عكس الأنظمة الاقتصادية الأخرى التي تُركز على الجانب المادي فقط ,, مثل الزكاة "التعاون والتراحم ورغبة في تنمية المال" .
2.
الحرية الاقتصادية:
يعتبر الإسلام حرية تملك عناصر الإنتاج وحرية التعاقد والتعامل هي القاعدة , بينما تدخل ولي الأمر هو الاستثناء وهو تدخل محدود للضرورة الشرعية , لذلك فالإسلام يُبيح للفرد التملك والتصرف في ممتلكاته بالطريقة التي يراها ضمن إطار الشرع.
3.
ازدواج الملكية:
يُقر النظام الاقتصادي الإسلامي مبدأ الملكية المزدوجة أي ازدواج الملكية العامة والخاصة؛
فالإسلام عندما يقر الملكية الفردية فهو يتجاوب مع فطرة النفس البشرية في حب التملك إلا أنه يقيدها ببعض القيود كعدم إلحاق الضرر بالآخرين ومراعاة ما تقتضيه المصلحة العامة أما بالنسبة للملكية العامة فقد تقررت في الإسلام كأصل وجنباً إلى جنب مع الملكية الخاصة حيث أن أساس الملكية العامة هو المصلحة العامة للمسلمين.
4.
التوازن في رعاية مصلحة كل من الفرد والمجتمع:
الإسلام يضمن مصلحة الفرد والمجتمع فلا مصلحة للفرد تُهدم باسم مصلحة المجتمع ولا مصلحة للمجتمع تهدم باسم مصلحة الفرد ومن حق ولي الأمر التدخل في حدوث انحراف يؤدي إلى إلحاق الضرر بالطرف الآخر.
تطور مدارس الفكر الاقتصادي
[]
الأفكار الاقتصادية البدائية
ولدت الأفكار الاقتصادية مع ولادة الحضارات القديمة كالإغريقية، والرومانية والهندية مروراً بالصينية والفارسية والحضارة العربية. وقد اشتهر عدة كتاب ينتمون إلى هذه الحضارات من أبرزهم أرسطو الفيلسوف الإغريقي المشهور، وشاناكيا Chanakya (340 – 293 ق. م) رئيس وزراء الإمبراطور الأول لإمبراطورية (موريا) في شرق آسيا، والفيلسوف العربي المعروف ابن خلدون صاحب (مقدمة ابن خلدون) الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي. ويعتقد الكاتب التشيكي (جوزيف شومبيتير) أن الباحثين المتأخرىن ما بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر هم المؤسسون الحقيقيون لـ "علم الاقتصاد". ووصف جوزيف شومبيتير (ابن خلدون) بالرائد السباق في مجال الاقتصاد المعاصر، حيث أن العديد من نظرياته الاقتصادية لم تكن معروفة في أوروبا حتى وقت قريب نسبياً. لاحقاً قامت مدرستان أقتصاديتان هما المدرسة الطبيعية (الفيزيوقراطية)، والمدرسة التجارية (المركنتلية)، بتطوير وإضافة مفاهيم اقتصادية جديدة، حيث ساهمتا في قيام "القومية الاقتصادية" و"الرأسمالية الحديثة" في أوروبا.
[]
الاقتصاد الكلاسيكي
مقال رئيسي: اقتصاد كلاسيكي
كما هو معلوم فإن نشر كتاب ثروة الأمم للكاتب آدم سميث اعتبر بمثابة نقطة البداية لولادة علم الاقتصاد كفرع علمي منفصل ومتخصص، وقد حدد كتاب ثروة الأمم عوامل الإنتاج بكل من الأرض، قوة العمل، ورأس المال، واعتبر أن هذه العوامل الثلاث هي التي تشكل جوهر الثروة التي تمتلكها الأمة.
ومن وجهة نظر آدم سميث، فإن الاقتصاد المثالي، هو نظام سوق ذاتي التنظيم (Self- Regulating Market System) حيث يقوم هذا النظام بإشباع حاجات الأفراد الاقتصادية تلقائياً "أوتوماتيكياً". وقد وصف "سميث" آلية عمل السوق بـ"اليد الخفية" التي تحث الأفراد على العمل على إشباع حاجاتهم الشخصية وبالتالي تحقيق أكبر منفعة ممكنة للمجتمع ككل. في كتاباته، أخذ "آدم سميث" بعض أفكار ونظريات المدرسة الطبيعية في الاقتصاد "الفيزيوقراطية" ودمجها مع نظرياته، إلا أنه رفض الفكرة التي نادى بها الفيزيوقراطيون والقائلة بأن الأرض (الزراعة) فقط هي مصدر الإنتاج والثروة.
الميركونتيلية
مذهب التجاريين أو (المركنتليةMercantilism) ينحصر في الاهتمام بالحصول على المعادن النفيسة (الذهب والفضة)، على أساس غنى الدولة يتوقف على كمية ما تمتلكه من هذين المعدنين ، وقد أنتشر المذهب التجاري أو المركنتلية في القرن السادس عشر ويعتبر أنطوان دي مونكرتيان ( Antoine de Monchretien) أول من بحث في هذا الموضوع بتوسع من فرنسا في كتابه الاقتصاد السياسي عام 1615م، وكان أول من نفذه في فرنسا هو كولبير ( Colbert) حيث عمل على تشجيع الصناعة وأتخذ الكثير من الإجراءات التي تؤدي إلى تحسين النوعية. كما عمل على إنشاء مصانع نموذجية لكي يقتدى بها الأفراد حتى سميت هذه السياسة بأسمه( colbertism). وكان مما ساعد ترويج هذه السياسة هو نظام الطوائف الذي كان معمولا به آنذاك والذي يفترض عدم أرتقاء العامل من مهنة إلى أخرى إلا بعد أن يمضي فترة من التدريب.
أما في بريطانيا فقد أشتهر من الكتاب الذين بحثوا في هذا الموضوع تشلد( Sir Josiah Child)، وتمبل ( Sir william Temple)، ودافينا ( Chnlec Doverant)، وتوماس مان ( Thomas Mun)، وفي ايطاليا أشتهر الكاتب أنطونيو سيرا (Antonio Serra).
وتقوم سياسة التجاريين (المركنتلية) التي تستهدف الحصول على أكبر قدر من المعدنيين الذهب والفضة والأحتفاظ به أو زيادته على وسيلتين رئيسيتين يمكن تلخيصها بما يلي:
الوسيلة الأولى: السياسة المعدنية(Bullion Policy): وهي التي أعتمدها فلاسفة التجاريين (المركنتليين) في آخر القرن الخامس عشر واوائل القرن السادس عشر وتنحصر بالآتي:
1.
منع تصدير الذهب والفضة إلى الخارج للحفاظ عليه من التسرب. وقد أتبعت ذلك كل من أسبانيا والبرتغال.
2.
إلزام المصدرين بأستحصال مقابل حصيلة الصادرات (ذهبا أو فضة)، وإلزام المستوردين مقايضة السلع المستوردة بسلع وطنية.
3.
تشجيع المصارف (البنوك) لمنح فائدة مرتفعة على الودائع الأجنبية.
4.
قبول النقود الذهبية والفضية بأكثر من قيمتها.
الوسيلة الثانية: وهي التي راجت في القرن السابع عشر وأعتمدت الميزان التجاري الموجب الذي يكون في صالح الدولة لأدخال الذهب والفضة في البلاد. ولكي يكون الميزان التجاري موجبا (أي لصالح الدولة) فيجب العمل على زيادة الصادرات وتقليل الأستيرادات بحيث يدفع الفرق بينهما ذهبا.
ولتحقيق ذلك يترتب أتباع السياسات التالية:
1.
الأخذ بنظام الحصص بالنسبة لأستيراد بعض السلع.
2.
فرض قيود نوعية على بعض الأنواع من المنتجات المستوردة.
3.
حصر عمليات النقل على البواخر ووسائط النقل الوطنية.
4.
تجويد النوعية والأخذ بمبدأ المنافسة عند التصدير.
الفيزيوقراط
الفيزيوقراطية (Physiocrates)، أو المذهب الطبيعي مذهب نشأ في فرنسا في القرن الثامن عشر، وذهب أصحابه إلى القول بحرية الصناعة والتجارة وبأنّ الأرض هي مصدر الثروة كلها.
وزعيم هذا المذهب هو الدكتور فرنسوا كيناي، (1694 - 1778)، (Quesnay)، طبيب لويس الخامس عشر، ومن أنصاره مرسييه دلاريفير (Mercier De La Riviere)، وميرابو (Murabeau)، وديبون دي تيمور (Dupont de Nemours)، وأطلق عليهم الطبيعيون، لأعتقادهم بسيادة القوانين الطبيعية، وقد أنتقدوا مذهب التجاريين (المركنتلية) الذين أعتبروا ثروة الأمم أنما تقاس بما تملكه من معادن نفيسة (الذهب والفضة)، وقالوا بان هذين المعدنين ليسا غاية النشاط الاقتصادي وانما هما وسيلة له.
وتقوم مباديء المذهب الطبيعي الفيزيوقراطية على الآتي:
الأعتقاد بوجود نظام طبيعي (Natural order)، يستمد قواعده من العناية الآلهية (Providential order)، وهي ليست من صنع البشر.
وإن هذه القواعد أو القوانين يمكن أن تسري من تلقاء نفسها دون تدخل الانسان.
أساس النظام في المذهب الطبيعي هو الملكية الفردية، والحرية الاقتصادية، وشعار الطبيعيون (الفيزوقراطيون) هو :
دعه يمر دعه يعمل (Laissey Passer, Laissey Fair).
العمل الزراعي هو العمل المنتج الوحيد ، والزراعة هي التي تغل ناتجا صافيا، وإن الصناعة والتجارة هما عبارة عن أعمال خدمية غير منتجة.
وكانوا يسمون التجار والصناع وأرباب المهن بالطبقة العقيمة غير المنتجة، لأنها لا تخلق ثروة جديدة، ولهذا فإن أهم ما ترتب على نظرية (الفيزوقراط) أو المذهب الطبيعي من نتائج أنها أختصت بالضرائب. وطالما إن الأرض هي مصدر الثروة فيجب أن تقتصر عليها الضريبة فحسب.
وكان من رأيهم أن تكون السلطة الدستورية مطلقة للملك وأن تسند هذه السلطة إلى مستبد عادل. وتكون مهمته توجيه الأفراد نحو النظام الطبيعي (Physiocrates)، وكانوا يطالبون بأن تكون الحكومة ملكية ووراثية مطلقة. وكان الفيزوقراط يسمون أنفسهم كذلك بالاقتصاديين (Economsts).
[
عدل] أهم الانتقادات
وأهم ما يوجه من أنتقاد نحو المذهب الطبيعي الفيزوقراطي هو تعريفهم للأنتاج بأنه خلق مادة جديدة، إذ أن للأنتاج في حقيقته هو خلق منفعة أو زيادتها لا خلق مادة جديدة، كذلك أنتقد رأيهم بأقتصار الضريبة على الأرض، إذ أن ذلك أجحافا بطبقة الزراع والفلاحين، بالإضافة لكون هذه الضريبة لا تكفي لمواجهة نفقات الدولة لوحدها.
كان المذهب الطبيعي ينسب للأرض القيمة الاقتصادية الكبرى، فأعطى المذهب الكلاسيكي هذه القيمة للعمل، وليس مرد ذلك إلى الانتقال من العصر الزراعي إلى العصر الصناعي فحسب، بل إنه ليعبر عن رغبات الطبقة الجديدة التي تريد أن تفرض نفوذها المالي على المجتمع، وتستأثر بالعمال الذين كانت غالبيتهم تعمل في الزراعة.
الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي
يدرس التحليل الاقتصادي الجزئي السلوك الاقتصادي للعناصر الاقتصادية (بما فيهم الأفراد والشركات) وطريقة تفاعلهم من خلال الأسواق الفردية، وندرة الموارد، والأنظمة الحكومية. السوق هنا قد تشمل السلعة المنتجة كالذرة على سبيل المثال، وقد تكون خدمة من عوامل الإنتاج كالبناء مثلاً. هذا التحليل يقوم على نظرية دراسة مجموع كميات الطلب من قبل المشترين وكميات العرض من قبل البائعين عند كل نقطة سعر محتمل للوحدة المنتجة. وانطلاقاً من دراسة كل من العرض والطلب بشكل غير منفصل يتوصل التحليل الاقتصادي الجزئي لتوصيف الكيفية التي تصل بها السوق إلى حالة التوازن الاقتصادي للسعر والكمية، أو الاستجابة لمتغيرات السوق عبر الزمن. وهذا ما يطلق عليه في الشائع تحليل دراسة العرض والطلب.
هيكلية السوق مثل سوق المنافسة الكاملة وسوق الاحتكار تعتبر هنا من العوامل المؤثرة على درجة كفاءة السوق. هذا وينطلق مفهوم التحليل من فرضية مبسطة بأن سلوك الأسواق الأخرى يبقى ثابتاً وهذا ما يطلق عليه تحليل التوازن الجزئي، أما نظرية تحليل التوازن العام تسمح بالتغيرات في مختلف الأسواق بما فيها حركة السوق وتفاعلها تجاه التوازن الاقتصادي.
[]
الاقتصاد الكلي
مقالة رئيسية اقتصاد كلي
يهتم التحليل الاقتصادي الكلي بدراسة الاقتصاد ككل، ليوضح تأثير العوامل الاقتصادية على اقتصاد البلدان، كتأثير الدخل القومي ومعدلات التشغيل (معدلات التوظيف)، وتضخم الأسعار، ومعدل الاستهلاك الكلي ومعدل الإنفاق الإستثماري ومكوناته. كما يدرس التحليل الاقتصادي الكلي تأثيرات كل من السياسة النقدية والسياسة المالية المتبعة في البلد. ومنذ ستينات القرن العشرين، أخذ التحليل الاقتصادي الكلي يأخذ منحى أكثر تكاملاً، وبرزت فيه نماذج جديدة كتحليل القطاعات على أساس جزئي، رشد اللاعبين الاقتصاديين، الاستخدام الكفء لمعلومات السوق، المنافسة غير الكاملة. التحليل الاقتصادي الكلي يهتم أيضاً بالعوامل ذات التأثيرات طويلة الأجل على الاقتصاد ونمو الدخل القومي. وكمثال على هذه العوامل نذكرن تراكم رأس المال، التطور التكنولوجي (التقني)، ونمو قوة العمالة.
المحاولات للتوحيد بين هذه الفرعين أَو إلغاء التمايز بينهما كَانَ مُحَفّزاُ مهماُ في مُعظم الفكر الاقتصادي في المرحلة الأخيرةِ، خصوصاً في اواخر السبعينات وأوائِل الثمانينات. توجد اليوم وجهة تجمع على ضرورة أن يكون الاقتصاد الكلي الجيد مؤسس على بنى الاقتصاد الجزئي الصلبة. بكلمة أخرى، هيكلية الاقتصاد الكلي يَجِبُ أَنْ تكون مدعمة بشكل واضح من قبل الاقتصاد الجزئي.
مدخل لدراسة علوم الاقتصاد

تعريف الاقتصاد :
الاقتصاد كتخصيص هو فرع من العلوم الاجتماعية وهو إدارة الموارد الشخصية والنادرة وينظر في الأشكال التي يتخذها السلوك البشري في تطوير هذه الموارد. و"الاقتصاد" كلمة يونانية إغريقية وتعني إدارة المنزل وتدبيره ويرتبط بالإحداثيات الجغرافية.

يعرف الاقتصاد بأنه العلم الذي يبحث في كيفية إدارة واستغلال الموارد الاقتصادية النادرة لإنتاج أمثل للسلع المعدة للاستهلاك وإشباع الحاجيات الإنسانية وهذه الحاجات الإنسانية هي عناصر مادية لا تتسم دائما بالوفرة والتنوع في ظل إطار معين من القيم والتقاليد والتطلعات الحضارية للمجتمع.
كما يبحث علم الاقتصاد في الطريقة التي توزع بها هذه المنتجات الاقتصادية بين المشتركين في العمل الإنتاجي بصورة مباشرة أو غير مباشرة في ظل الإطار الحضاري نفسه.
إن كل بناء اقتصادي يقوم على شقين رئيسيين :الأول مادي تقني والثاني معنوي.
الجانب المادي والتقني من العملية الإنتاجية : وهو الجانب الذي يتناوله علم الاقتصاد والعلوم الطبيعية الأخرى بالدراسة وهذا الجانب يعرف بالاقتصاد السياسي وهو لا يختلف من بلد لآخر مهما اختلفت المذاهب والتشكيلات السياسية ومهما اختلف النظام الاقتصادي المعمول به.

الجانب المعنوي : هو الذي يستهدف ضبط السلوك البشري على هذا الاقتصاد الأصلي السياسي وهذا الجانب ينطوي على تصور عقائدي يحدد الهدف ويعين القيم ويرسم قواعد السلوك التي تلزم الفرد والجماعة باتباعها .
ويختص علم الاقتصاد بدراسة الأمور التالية :

ماهية السلع والخدمات التي ينتجها المجتمع : أي نوعية السلع والخدمات التي يتم إنتاجها وفقا للموارد الاقتصادية المتاحة التي تتميز بالندرة النسبية ، الأمر الذي يقتضي المبادرة بين الاستخدامات البديلة من خلال آليات السوق.
بآية طريقة يتم الإنتاج : هناك طرق إنتاجية متعددة :
ª
طرق إنتاجية كثيفة العمالة ( تستخدم يد عاملة كثيرة ).
ª
طرق إنتاجية كثيفة الرأسمال التقني.
ª
طرق إنتاجية كثيفة التكنولوجيا .
كيفية توزيع الإنتاج بين أفراد المجتمع : ومعناه كيفية توزيع الناتج القومي من السلع والخدمات بين عناصر الإنتاج للمشاركة في العملية الإنتاجية (العمال.ملاك الأراضي.أصحاب الرأسمال.المنظمون...).
وقد شهد العالم العديد من الأنظمة الاقتصادية أهمها :
ü
النظام الاقتصادي الإسلامي : الذي يلائم بين الملكية الخاصة والملكية العامة.
ü
النظام الرأسمالي : الذي يقوم على أساس الحرية المطلقة للإفراد في ممارسة النشاط الاقتصادي والحد من الملكية العامة.
ü
النظام الاشتراكي : و الذي يركز على الملكية الجماعية لعناصر الإنتاج.
ü
ما مدى الكفاءة التي تستخدم بها الموارد الاقتصادية : معناه هل يتم الإنتاج بطرق معقلنة وبأيدي عاملة كفئة ويوزع الإنتاج بطريقة عقلانية ؟
ü
هل موارد المجتمع الاقتصادية موظفة توظيفا كاملا ؟
ü
هل الطاقة الاقتصادية تنمو بصورة مضطربة مع الزمن أم أنها تظل ثابتة ؟

وينقسم علم الاقتصاد إلى جزئين :

1.
الاقتصاد الجزئي : يختص بدراسة الظواهر الاقتصادية الجزئية مثل دراسة سلوك الوحدات الاقتصادية الفردية كسلوك المستهلك وسلوك المنتج ونظرية الثمن وسعر السلعة.
2.
الاقتصاد الكلي : يختص بدراسة الظواهر الاقتصادية الكلية كالناتج القومي والاستثمار والادخار والطلب الكلي والعرض الكلي.

:::::::::::::::::::::
شروحات ::::::::::::::::::::::::::
تاريخ الأنظمة الاقتصادية......النظام البدائي ، الإقطاعي ، الرأسمالي ،الاشتراكي.


الفكر الاقتصادي في العصور القديمة والوسطى :


هذه المرحلة شهدت فكرا اقتصاديا يتناول العصور القديمة والوسطى.
قبل ميلاد علم الاقتصاد في منتصف القرن 18 تقريبا لم يكن للفكر الاقتصادي وجود مستقل وإنما تجده في أحضان أشكال أخرى من الفكر في أحضان الفلسفة الإغريقية وفي أحضان الفكر اللاهوتي (الديني) في العصور الوسطى وفي أحضان التاريخ كما تمت فلسفته عند المفكرين العرب في القرن14.
وفي العصور القديمة (قبل الميلاد) كانت البداية عند الإغريق والرومان.

الفكر الاقتصادي اليوناني : عند الإغريق ارتبط الاقتصاد بالأفكار الفلسفية والاجتماعية ومناقشة الأمور الجارية العادية دون أن تكون له ذاتية مستقلة تعبر عن الواقع وتقدم نظرية متكاملة في كليتها.ومن بين مفكري تلك الفترة يعتبر أفلاطون وأرسطو من ابرز الفلاسفة الذين تعرضوا للمشاكل الاقتصادية.
يمثل الانجاز الرئيسي لأفلاطون في الوصف الذي قدمه بتقسيم العمل واصل الدولة .....يحث فيتقسيم العمل بمناسبة الحديث عن الدولة المثالية وهو يرجع أساس الدولة إلى عامل اقتصادي وينادي بضرورة السير في بناء العمل الجاد. فكل شخص في المجتمع اليوناني القديم مطالب بالتخصص في عمله.
يبني أفلاطون فكرته في تقسيم العمل في جانبين : الأول : اختلاف المواهب الطبيعية وفي هذه الحالة فان عملية التخصص تزيد من الإنتاج كما تقوم بتحسين النوعية.أما الجانب الثاني : فيتجلى في تصوره لتنظيم الدولة وفي هذا الإطار يقسم أفلاطون المجتمع إلى ثلاث طبقات تتوفر كل طبقة على نوع من النشاط :

-
الطبقة الأولى : تسمى طبقة المنتخبين.
-
الطبقة الثانية : وهي طبقة الجنود.
-
الطبقة الثالثة : وهي طبقة الحكام.
ويشترط أفلاطون أن يكون للفلاسفة دور دون ان تكون لهم روابط بين هذه الطبقات.
أما البحث في المشكلات الاقتصادية عند أرسطو فقد وجد في أحضان الأخلاق والفلسفة والسياسة شأنه في ذلك شأن أفلاطون ولكنه أول من قدم ما يمكن تسميته بنظرية اقتصادية ...............وهو يرى أن الدولة ظهرت نتيجة تطور تاريخي ولتحقيق غايات اكبر من اجل إشباع الحاجيات المادية للمواطنين ودافع أرسطو بشدة عن الملكية الخاصة والحق الطبيعي في الاقتناء وهي أمور تتفق وميول الإنسان . كل هذا يحفز هذا الأخير عن العمل لذلك دافع أرسطو عن الرق على أساس اقتصادي وهذا كله من المزايا التي منحتها الطبيعة للأفراد.
ركز التحليل الاقتصادي لأرسطو على الحاجيات وإشباعها وطرق الحصول على الأموال هذه الأخيرة لا يمكن أن تتأتى إلا بالأنشطة التالية : الزراعة ،تربية الماشية ،استخراج المعادن، والعمل في التجارة التي يجب إدانتها.

الفكر الاقتصادي الروماني : بالرغم من أن الرومان لم يقدموا فكرا اقتصاديا يرقى إلى الفكر اليوناني إلا أنهم اثروا في الفكر الاقتصادي اللاحق من خلال تنظيماتهم القانونية والتكوين الذي يهتم بدراسة القانون و للرومان في هذا الإطار مساهمات أساسية.
إن الأفكار الخاصة التي تأثر بها القانون الروماني في الفكر الاقتصادي هي فكرة القانون الطبيعي التي احتلت مكانة بارزة من خلال الفكر الاقتصادي في ق18 حتى أوائل ق 20.

العصور الوسطى :
كان سقوط الإمبراطورية الرومانية في الغرب والشرق والإمبراطورية الفارسية وظهور الدولة الإسلامية ايدانا بانهيار العالم القديم وبداية العصور الوسطى والتي تميزت بتيارين اثنين :

أ‌. الفكر الاقتصادي الغربي : وتتلخص أهم معالم هذا الفكر في ظهور ما يسمى فكر المدرسين الذي ازدهر في جامعات أوربا وهي أساسا جامعات تقوم بالدرجة الأولى على تدريس الفكر اللاهوتي ويقصد به تكوين رجال الدين وذلك في محاولة للتوفيق بين الدين والفلسفة أي بين الإيمان والعقل وهي محاولة تّكمَّل في الواقع الصورة التي بدأها العصر القديم واستمرت في الفكر الإسلامي.

ب‌. الفكر الاقتصادي الإسلامي : لاشك أن مبادئ الدين الإسلامي هي أول واهم مصادر هذا الفكر فقد تضمنت هذه المبادئ تنظيم بعض الجوانب الاقتصادية الهامة نذكر منها :
عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية لان ذلك يشكل مساوئ ويضرب في العمق حرية الإفراد.
تقديس العمل والحث عليه وتحريم الربا ومناهضة الاحتكار وتنظيم الأسواق على أساس المنافسة الكاملة.

التيار المركنتيلي

تقديم :

عرفت أوربا تحولات كبيرة نتيجة الاكتشافات الجغرافية وحركة الإصلاح الديني وميلاد الأمة أي مفهوم الدولة ولذلك نشط التيار التجاري والذي عرف بالتيار المركنتيلي وهذا التيار كان هدفه اغناء الأمة والأمير الذي يوجد على رأسها ومن اجل تدعيم القوة السياسية والاقتصادية للدولة، لذلك تركز الاهتمام على المستعمرات وثرواتها وقد ساد خلال هده الفترة الاتجاه نحو كسب مزيد من المستعمرات وتقوية الدولة ومؤسساتها.
إن المركنتيلية هي نظام اقتصادي نشأ في أوربا خلال تقسيم الإمبراطوريات والمذهب المركنتيلي هو تيار فكري ظهرت بوادره مع بداية ق 16 وامتدت حتى ق 18 .
وكلمة مركنتيلية جاءت من الايطالية وتعني تاجر ويقوم هذا الفكر على مبدأين أساسيين :

الأول : يربط قوة الدولة بما تتوفر عليه من معادن نفيسة .
الثاني :توجيه الدولة للاقتصاد وذلك بخلق صناعات محلية لضمان القدرة على المنافسة الخارجية وضمان الأسواق مما يفرض على الدولة مراقبة جودة المنتوجات الصناعية عن طريق سن قوانين صارمة.

المركنتيلية الاسبانية : كان كل اهتمامها منصب على جلب الذهب والفضة وتكديسها .انطلق الفكر المركنتيلي باسبانيا والتي كانت سباقة إلى جمع الذهب والفضة لتقوية الدولة وكانت سياستها في هذا الإطار السياسة البليونية كما قامت اسبانيا على أجبار التجار الإسبان باستعادة أثمان بضائعهم نقدا وبالخصوص ذهبا لتحافظ على هذا المعدن النفيس داخل حدودها الوطنية.

المركنتيلية الايطالية : دخلت الأفكار المركنتيلية إليها في أوائل ق 17 واتخذت في البداية نفس المركنتيلية الاسبانية إلا انه انصب اهتمام الايطاليين بالمشاكل الداخلية من المالية العامة كما أنهم درسوا كيفية تصنيع بلادهم باعتبار الصناعة أداة حقيقية للتنمية.

المركنتيلية الفرنسية : كانت اقرب إلى المنطق العلمي حيث وضعت قوانين اقتصادية مثل القانون الكمي للنقود والذي لايزال يعتبر أساسيا ومركزيا بالنسبة لسياسة المالية لكثير من الحكومات في العصر الحاضر كما أن الفرنسيين درسوا بدقة متناهية أسباب ارتفاع الأسعار كما وضعوا أسسا أولية لإنشاء صناعة وطنية قوية ورأوا في سياسة تراكم الذهب عامل من عوامل إفلاس المنظومة الاقتصادية وبان الأساسي هو الإنتاج وليس تراكم المعادن النفيسة.

المركنتيلية الانجليزية : كانت انجلترا في ق 17 بلدا صناعيا متقدما وكان الهدف الأول بالنسبة إليهم هو الزيادة في تصنيع البلاد وتقوية النسيج الاقتصادي مع الزيادة في الصادرات لجلب المواد النفيسة واستعمالها في شراء المواد الأولية الضرورية للصناعة ، لذلك أصدروا بدورهم قوانين اقتصادية مثل وضع ميزان الاداءات الخارجية متوازن وايجابي مع الرفع من حقوق الجمارك لتشجيع الصادرات وكان من لرواد هذه النظرية توماس مون Thomas Mun كما اهتم الانجليز بالخدمات الخارجية المرافقة للصادرات والواردات وتمكين البلاد من تجهيز بحري متين لنقل البضائع كما قام الانجليز بإنعاش الاقتصاد الوطني مع الاعتماد أولا على إمكانياتهم الذاتية.
إن المركنتيلية نظرية كلية وشمولية ولا تعنى بتصرفات الفرد بل تهتم بواقع الأمة الاقتصادي فهي اتجاه حركي يبحث عن طريق إثراء الأمم وهو بذلك يعبر عن سياسة اقتصادية معينة حيث ينظر إلى التصنيع والتجارة وتعدد السكان كعناصر مرتبطة بالتحول الدائم لبنية اقتصاد الأمم كما أن المركنتيلية تدعو لتدخل الدولة لحماية الاقتصاد الوطني.

التيار الفيزيوقراطي ( التيار الطبيعي )

تمهيد :
تميز ق 18 بانتشار الفكر والنزعة العلمية في أوربا وتقدمت في هذا القرن علوم الطبيعة والكيمياء والفلك وغيرها من العلوم الإنسانية والاجتماعية. وفي ظل هذه المعطيات والتحولات الفكرية الواسعة التي عرفها العالم الأوربي ظهر التيار الفيزيوقراطي وتأثر تأثرا بالغا بهذه النزعة العلمية وهذا ما اتضح جليا في أعمال رواد هذا التيار الطبيعي.
إن التيار الفيزيوقراطي قدم نظريته الاقتصادية بناء على تشبيه العلاقات الاقتصادية للأفراد داخل الدولة بالعلاقات التي تحصل بين الأعضاء المكونة للجسم الإنساني.

المبادئ الأساسية الفيزيوقراطية :

إن الأفكار الاقتصادية التي نشأت في فرنسا في نهاية حكم لويس 15 أعطت لهذه الجماعة من المفكرين القدرة على تصور وتحليل الظواهر الاقتصادية انطلاقا من الملاحظات الموجودة في الواقع المعاش.
إن أهم ما ميز فكر الطبيعيين هو دعوتهم إلى ترك النشاط الاقتصادي حرا (المنع الكلي لتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وفي حرية الأفراد ) وتطورت سياستهم في المقولة المشهورة " دعه يعمل دعه يسير" أي دع الأفراد يعملون بصورة تلقائية ودع الأمور تجري، وبناء على هذا فقد ذهب الطبيعيون إلى معارضة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي حتى يتوفر المناخ الملائم للممارسة الحرية الاقتصادية .

1.
النظام الاقتصادي أساس الحرية الاقتصادية :

يقول أحد مفكري هذا التيار :" إن الفيزيوقراطية هي علم القانون الطبيعي " وهذا القانون الطبيعي يمكن تعريفه بالنظام المثالي الذي يحقق التوافق بين المصالح المتعددة في الحياة الاقتصادية وبمعنى آخر ، النظام الذي يؤمن الملكية الفردية والحرية الاقتصادية وأن القوانين التي ترعى هذا النظام هي قوانين لا مرد لحكمها لأنها من طبيعة البشر ، والأشياء هي التعبير الحي عن إرادة الله. ويتكون النظام الطبيعي من مجموعة أنظمة تحقق الرخاء للجماعة ويترتب عن كل هذا ضرورة احترام الملكية باعتبارها جزءا من النظام الطبيعي.

2.
الأرض هي مصدر الثروة :

بدأ الطبيعيون تعريفهم للثروة باستبعاد المعدن النفيس كمصدر لها وهذا الأخير في نظرهم مصدر عقيم لها.والثروة كما يعرفها الطبيعيون هي مجموعة القيم التي يمكن استهلاكها عند الرغبة دون إفقار لمصدرها ولذلك نجد بأن النشاط المنتج الوحيد هو الزراعة وما سواها هو مجرد تحويل عقيم لصورة المادية مما يؤدي إلى الإفقار المستمر لكل مكونات الأمة وأن هذه الأنشطة غير الزراعية ليست قادرة على الخلق وإعطاء قيمة مضافة جديدة للنشاط الاقتصادي.
إن الزراعة هي النشاط الوحيد الذي يمنح الإنسان أكثر إنتاج من الصناعة والتجارة ، والريع الصافي هو الفرق بين ما ينفق للحصول على سلعة ما في الميدان الزراعي وبين ما تنتجه الأرض أي ما تمنحه من خيرات للإنسان ويؤدي تضافر جهود الإنسان مع عمل الطبيعة إلى نشوء قيمة جديدة وهي الناتج الصافي.

3.
الجدول الاقتصادي آو توزيع الدخل :

إن نظرية التوزيع هي من أشهر النظريات التي قدمها الطبيعيون في دراساتهم الاقتصادية وركزوا من خلالها على دراسة الاقتصاد وفق نظرية شمولية تدرس الدخل على المستوى الوطني وليس وفق نظرية جزئية ترتكز على دخل الفرد كوحدة للتحليل.
انطلاقا من الريع الصافي وتقسيم المجتمع إلى طبقة عقيمة وأخرى منتجة يتبين انتقال الثروة إلى الطبقة المنتجة الزراعية لتعود إلى نفس الطبقة التي انطلقت منها وهكذا قسم الفيزيوقراطيون المجتمع إلى ثلاث طبقات :

Ø
الطبقة المنتجة : وتشمل العمال الزراعيين الذين يقومون بخدمة الأرض ويخلقون الناتج الصافي.
Ø
طبقة الملاك العقاريين : هؤلاء احتلوا مكانة وسطا بين الطبقة المنتجة والطبقة العقيمة.
Ø
الطبقة العقيمة : وتشمل الحرف الأخرى غير الزراعية.

خلاصة :

رغم المجهودات الفكرية فان أعمال الطبيعيين شابتها بعض النقائص التي فتحت الباب واسعا للانتقاد.

1.
إعطاء أهمية للزراعة : ليس لأنها النشاط الاقتصادي المنتج الوحيد فقط بل إن السبب في ذلك هو رغبة الفيزيوقراطي في تبرير دخل الملاك العقاريين الذين يحصلون عليه دون عمل.

2.
نظريتهم حول القيمة : يسودها الغموض فقد عجزوا عن أعطاء تفسير واضح ومقنع أن الصناعة والتجارة (نشاط الطبقة العقيمة) يمكن أن يكون كذلك منتجا له دور أساسي في الريع الصافي.

3.
دور الطبيعة في النشاط الاقتصادي : في هذا الإطار لم يلتفت الطبيعيون إلى الصناعات الاستخراجية لأنها في علاقة جدلية مع الطبيعة وتضيف منفعة جديدة.

إن التطورات التي عرفتها أوربا مع ظهور الثورة الصناعية في نهاية ق18 فقدت للفيزيوقراطيين الكثير من عناصر القوة في التحليل وأسقطت بالمناسبة غالبية تصوراتهم حول اعتبار الزراعة النشاط المنتج الوحيد القادر على تحقيق الرفاهية والتقدم للمجتمعات.


المدرسة الكلاسيكية أو التقليدية ( الاتجاه الليبرالي )


في غمار التطورات المتقدمة (نشأة الرأسمالية الصناعية) كان ظهور مدرسة التقليديين، أهم مدرسة في تاريخ الفكر الاقتصادي حتى ذلك الحين ،وكان طبيعيا إذا راعينا اصل نشأة الرأسمالية الصناعية بانجلترا أن تنشا تلك المدرسة بها فوضع ادم سميت الكثير من أسسها .وساهم الحصار الاقتصادي الذي فرضه نابليون على انجلترا إلى اتجاه الاقتصاديين الانجليز وفي مقدمتهم ادم سميت إلى المناداة إلى تصنيع البلاد كما اتخذت آراء الكثير منهم اتجاها معاديا لكل تدخل من جانب الدولة.
ظهرت المدرسة الكلاسيكية بانجلترا في ق18 واعتبرت الإطار الفكري للثورة الصناعية والمعبر للاتجاه الليبرالي آنذاك وقد كانت آراء بعض أفرادها تفاؤلية والبعض الآخر تشاؤمية خاصة فيما يتعلق بالمستقبل.
إن أفكار هذه المدرسة الأصيلة تهتم خاصة بالتصرفات الاقتصادية المرتبطة بمصلحة الفردية من مشاكل القيمة والأسعار والمرودية إلى غير ذلك ،وحسب رأي المدرسة الكلاسيكية وأعلامها فان المصلحة الفردية ترتبط بالمصلحة الجماعية وذلك عن طريق العمل السحري (اليد الخفية) حيث يتم الانسجام بين المصالح الفردية المختلفة وفي النهاية ننتقل إلى مصلحة جماعية عامة.
واشهر ممثلي هذه المدرسة ادم سميت Adam Smith صاحب الكتاب الشهير "ثروة الأمم" سنة 1776م./روبرت مالتوس Robert Malthus / دافيد ريكاردو David Ricardo / ستيوارت ميل Stuart Mill.

آدم سميث Adam Smith: يعتبر أب الاقتصاد السياسي وتتلخص أفكاره في أربع نقط :

أ‌. القوانين الأساسية : ويعني بها قوانين الطبيعة والتي جعلت الناس يتعلقون بصفة عفوية بمصالحهم الخاصة لذلك فحماية هذه العفوية والحرية الشخصية ضرورية لأنها في مصلحة المجتمع.
ب‌. العمل أساس القيمة : فالعمل البشري هو الذي يزيد في قيمة المنتوجات ويضع ادم سميث العمل كمقياس لقيمة المنتوجات فسعر المنتوجات هو مجموع الوقت العملي الذي قضي في إنتاجها كما أن تقسيم العمل يؤدي إلى ارتفاع المردود.
ت‌. توزيع الدخل : بما أن الإنتاج يدخل فيه الأرض وراس المال والعمل لذا يمكن تقسيم المردود على الأجر والربح على الأرض.
ث‌. معطيات التنمية الاقتصادية : يرى سميث إن أساس التنمية الاقتصادية هو تراكم رؤوس الأموال الناتجة عن فائض في الإنتاج على أساس أن يستعمل هذا التراكم باستثمارات جديدة وان سير تقدم الاقتصاد هو إدخال الفائض قصد استثماره.وفيما بعد يرى سميث أن التجارة الخارجية مصدرا مهما للتقدم الاقتصادي ومن هذا المنطلق فانه يطالب بتشجيع المبادلات التجارية.

روبرت مالتوس Robert Malthus:

بعد أن لوحظت ظاهرة تزايد السكان وتناقص المحصول الزراعي في نهاية القرن 18 واعتبر البعض أن السبب هو عدم صلاحية المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية نفى مالتوس هذا التحليل واعتبر سر فقر السكان يرجع إلى كون عدد السكان يرتفع بصورة تفوق بكثير زيادة المواد الزراعية على اعتبار أن تكاثر السكان يخضع إلى شكل متوالية هندسية في حين أن تزايد مواد المعيشة يخضع إلى شكل متوالية حسابية وفي المدى البعيد سيقع انعدام التوازن ولن يتم التوازن إلا بسبب الحروب أو المجاعات أو تحديد النسل.

دافيد ريكاردو David Ricardo :

وهو ممثل الاتجاه الكلاسيكي من الناحية النظرية وقد دعم نظرية ادم سميث المتعلقة بالقيمة المرتكزة على العمل وقد اشتهر بنظرية الريع ونظرية التجارة الخارجية .(والريع هو المكسب الذي يحصل عليه مالك الأرض، أما الربح فهو مكسب الصناعي الرأسمالي. وتتلخص الأسس العامة التي يبني عليها ريكاردو نظريته هاته (التجارة الخارجية) في :
v
سيادة المنافسة الكاملة في الأسواق داخليا وخارجيا.
v
التوظيف الكامل بكافة عناصر الإنتاج.
v
قدرة عناصر الإنتاج على التنقل بحرية.
v
تشابه الادواق لدى المستهلكين في أسواق مختلفة.
إن التبادل التجاري حسب ريكاردو يتم بين مختلف المكونات الاقتصادية لهذه الدول وان معالجة الخلل في الميزان التجاري يعطينا خللا اكبر في ميزان المدفوعات وفي هذا الصدد يعتقد ريكاردو أن المبادلات التجارية تخضع لقانون يجعل ميزان الدول التجاري متوازنا وإذا حدث أن اختل وضع هذا الميزان فمال نحو الفائض أو العكس فانه يعود من تلقاء نفسه وبصورة آنية إلى توازنه فلذلك لا داعي أن تخشى الدولة من آية خسارة تحل بميزانها التجاري.
نظرية الريع : آن ريكاردو يعتبر أن الأرض لا يمكن لها أن تكون مصدرا للقيمة وان المداخيل التي نجنيها من استغلالنا للأرض تشكل ريعا يضرب التطور الاقتصادي ويجعلنا أمام معضلة حقيقية تؤثر على السير العادي للنشاط الاقتصادي.

ستيوارت ميل Stuart Mill :

قدم ولخص هذا المفكر كل أراء الكلاسيكيين فهو تارة يدافع عن الليبرالية وتارة أخرى يميل إلى ضرورة تدخل الدولة للقيام بإصلاحات اجتماعية و يدعو إلى نظام التعاونيات ليحل محل نظام الأجرة وتحديد ملكية الأرض ويرى أن على الدولة أن لا تغالي في فرض الضرائب وتسيير الإدارات ووضع القوانين لان ذلك يضر بالأفراد ويرى أن على الدولة أن تأخذ بزمام المبادرة في التعليم وتشييد الطرق والموانئ والمستشفيات لان هذا التدخل يعود بالنفع الكبير على الأفراد وتدخلها في هذه القطاعات يحقق توازن بين مصالح الأفراد ومصالح الدولة.

الاتجاه الاشتراكي داخل المدرسة الكلاسيكية


صاحبت الثورة الصناعية الليبرالية تعاسة كبيرة للطبقة العاملة وبؤس مدقع في أوساطها واستغلال كبير للأطفال والنساء الذين كانوا يعملون في المناجم والمعامل وساعد المستوى المنخفض للأجور أصحاب الأموال من تكديسها أو استثمارها الشيء الذي أدى إلى تقدم اقتصادي كبير على حساب تضحيات اجتماعية وقد عارض هذه الأوضاع كثير من الذين ينزعون إلى التيار الاشتراكي وقد قسموا إلى نوعين :
الاشتراكيون الطوباويون les utopiques : الذين شيدوا مجتمعات مثالية على أسس تستجيب لرغبات وانفعالات فكرية ومعنوية إلى أكثر مما تستجيب للمنطق العلمي.
الاشتراكيون العلميون les Scientistes : الذين فسروا الأحداث الاقتصادية من خلال فلسفة مادية للتطورات التاريخية (ماركس وانجلز).

الاشتراكية الطوباوية : وتعتمد على ثلاثة عناصر:
1.
انتقاد الأسس القانونية والفلسفية للرأسمالية باعتبارها نظاما يساعد غلى استغلال طبقات لحساب أخرى.
2.
إمكانية تغيير البنيات الاجتماعية من طرف كل أعضاء المجتمع وذلك على أساس وعيهم بأخطار النظام الرأسمالي.
3.
تقديم اقتراحات ونماذج جديدة لمجتمعات مثالية على أساس أنها لا تعرف الاستغلال.
ومن بين مفكري هذا الاتجاه نجد :

سان سيمون Saint-Simon : اعتبر هذا الأخير النظام الرأسمالي ومؤسساته السياسية من جهة والحرية الاقتصادية التي ناد بها من جهة أخرى يكونان مصدر البؤس والاستغلال والظلم ، إلا أن زوال الملكية الخاصة حسب سان سيمون لا يحل التناقضات الاجتماعية بل يجب الاكتفاء بضرورة تحديدها وتنظيمها وإخضاع استغلالها لمعطيات عقلانية حتى تخدم مصالح المجتمع مع ضرورة توجيه الاقتصاد الوطني، ويرى أن الصناعة هي أساس التقدم لذلك دعا إلى خلق مجتمع جديد يعتمد على نظام صناعي يسير من طرف نخبة من الصناع والمثقفين .
ويمكن اعتبار نظريته بنيوية لأنها تعتبر النشاط الاقتصادي ينتج عن تضامن بين مختلف القطاعات وبين مختلف الأقاليم والفئات بمعنى التحام كلي لمصالح هذه العناصر وتداخل مصالح الأقاليم يكون أساس الوحدة الوطنية وان تداخل المصالح بين الدول يؤدي إلى خلق تنظيمات دولية مهمة وكان مبشرا بالوحدة الاقتصادية الأوربية.
شارل فوريي Charles Fourier : مثالي أكثر من اللازم حيث أن مجموع آرائه تدور حول إنشاء مشاريع تعاونيات اجتماعية وجماعية بدون مسؤول.
برود ون Proudhon : يرى أن الملكية الفردية سرقة لا أكثر، نتيجة استغلال العمال والاستحواذ على إنتاج اليد العاملة لكنه لا يطالب بإلغائها حيث يرى أنها من صميم الطبيعة البشرية بل ينبغي إحلال حق التصرف محلها دون بيعها أو ارثها وسيؤدي هذا إلى زوال كل صراع طبقي كما يرى الدولة أداة قمع ولابد من حلول عقد اجتماعي إداري يحل محلها لتنظيم دواليب الإنتاج والعلاقات بين الأفراد والطوائف والتعاونيات وهي آراء فوضوية في مجملها.


الاشتراكية العلمية :
إن التفاعلات التي عرفها الواقع الاقتصادي والتيارات الفكرية في ق 19 هي التي ساهمت في بناء أهم أفكار كارل ماركس وتأثرت بها فلسفته فعن هيگل Hegel اخذ الدياليكتيك وعن الكلاسيكيين أخذ نظرية القيمة المتجسدة في العمل وتتلخص أهم أفكاره في تنبئه بزوال النظام الرأسمالي وحلول الاشتراكية ثم الشيوعية كمرحلة نهائية في تاريخ البشرية ويمكن تلخيص أفكاره الاقتصادية في النقط الأساسية التالية : (ست)
1.
نظرية القيمة :
يرى كارل ماركس أن قيمة سلعة ما تقاس بالعمل الذي تضمنته تلك السلعة أي بعدد الساعات التي استغرقها تحويل إنتاجها، أي أن هذه القيمة تقاس بالزمن الاجتماعي Le temps social لا بالزمن الذي يقضيه العامل المتوسط لإنتاج المادة . إن كل المواد كيفما كانت ماهي إلا مجرد تراكم للعمل البشري الذي يعتبر أساس الإنتاج.

2.
نظرية فائض القيمة :
يشتغل العمال عند رب المعمل ويمنحهم اقل اجر يساوي الحد الأدنى للمعيشة وينتجون له مواد تساوي قيمتها مقدار العمل المتراكم اللازم لصناعة المادة نفسها كما هو مبين في نظرية القيمة وبهذا يحصل صاحب راس المال على الفارق الموجود بين قيمة المادة أي العمل وقيمة الأجر وهو ما يسمى بفائض القيمة.
3.
نظرية التراكم :
يستعمل أصحاب رؤوس الأموال من تكديس أموال فائض القيمة في الاستثمار لشراء الرأسمال الجديد ويقسم ماركس الرأسمال إلى قسمين :
الرأسمال القار : الآلات والمواد الأولية.
الرأسمال المتغير: (هو الذي تدفع منه الأجور)ويرى ماركس أن الرأسمال المتغير هو مصدر فائض القيمة.
4.
نظرية التركيز :
يستولي الرأسماليون بتوسيع معاملهم على الأسواق على حساب صغار المنتجين مما يضطرهم إلى الانسحاب من دورة الإنتاج فيصبحون بدورهم بروليتاريين prolétaires مما يزيد في تعاسة جيش العمال وتركيز الرأسمال في يد الأقلية.
5.
نظرية التفقير :
ينخفض مستوى معيشة العمال في حين ترتفع اربحا اصطحاب رؤوس الأموال باستمرار ويترتب عن ذلك انخفاض في مستوى الأجور داخل مجموع المداخيل في حين أن نسبة الأرباح في تزايد مستمر.
6.
نظرية الأزمات :
ينقص ويتراجع طلب المستهلكين نتيجة لتفقير الطبقة العاملة العريضة فينعدم التوازن بين العرض العام والطلب العام فتتراكم المخزونات ويترتب عنها إقفال المعامل وتشرد العاطلين فتتوالى الأزمات إلى أن تصل الرأسمالية إلى أزمة كبرى تطيح بها وهذه حتمية موضوعية إلا انه يشترط على الطبقة العاملة أن تنظم صفوفها وان تتسلح بالإيديولوجية العلمية.

تعليق :
إن بعض الأحداث كذبت نظريات كارل ماركس خصوصا تقلص نسبة الأجور في الدخل القومي ونظرية تفقير الطبقة العاملة وذلك أن النظام الرأسمالي تحول وارتكز على بعض الأسس الجديدة مثل انتشار التيار النيوكلاسيكي. Courant néoclassique..


المدرسة النيوكلاسيكية أو الحِدِّيَة

يعتبر الاقتصاديون أفكار المدرسة الحدية هي امتداد للفكر الاقتصادي للمدرسة الكلاسيكية لكونها تؤمن بالليبرالية كأساس للتصرفات الاقتصادية أنها تختلف عنها في نقطتين :
نظرية التحليل .
نظرية القيمة .
وقد تبلور الفكر الاقتصادي الحدي في ق 19 ، لقد ظهرت هذه المدرسة على مستوى ثلاث جامعات سنة 1971م وهذا عن طريق ثلاث مفكرين وهم :
üكارل مانجر كان في النمسا.
üڨالراس كان في لوزان بسويسرا.
üستانلي جيفنس كان في كان بريدج بانجلترا.
كما يعد الفريد مارشال من اكبر وانضج المفكرين الحديين الاقتصاديين لأنه استطاع أن يجمع في فرضية واحدة كل ما جاء به آخرون بحيث اهتم أولا وأخيرا بقضية الأسعار والقيمة المرتبطة بها.
ومن المبادئ التي انطلقت منها هذه المدرسة يمكن الإشارة إلى ما يلي :

1.
يعتبر الحديون أن قيمة المواد تصدر عن منفعتها لا عن العمل الذي استغرقها نتاجها فقيمة مادة تزيد عن قيمة مادة أخرى لان منفعتها بالنسبة للمستهلك اكبر من منفعة المادة الثانية.
2.
استعمال الأسلوب الحدي في البحث الاقتصادي.
3.
اهتدى الحديون إلى الاقتصاد البحث أو المجرد أي الاقتصاد البعيد عن الحياة العادية والذي ينطبق على وضعية الإنسان الاقتصادي الخاضع لأحكام عقلانية والذي يتبع في تصرفاته اليومية تعلقه بمصلحته الخاصة.
4.
استعمل الحديون الرياضيات في تحليلهم الاقتصادي فكانوا أول المطبقين لنظرية الاقتصادي والفيلسوف الفرنسي كورنو الذي دعا في مؤلف له حول المبادئ الرياضية لنظرية الثروات إلى استعمال أساليب التحليل الرياضي في الاقتصاد السياسي.

النظرية الكينزية

لقد بلغت الأزمة الاقتصادية التي مست الرأسمالية سنة 1929م أوجها وكان لهذا تأثير مباشر على كل مكونات الاقتصاد الرأسمالي وهذا ما دفع جون مينا رد كينز John Maynard Keynes إلى تفسير هذه الأزمة بكتاب تحت عنوان :" النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود " الذي ألفه سنة 1936م.
ولقد بدا كينز دراسته بتوجيه انتقادات شديدة للمدرسة الكلاسيكية ويمكن تلخيص هذه الانتقادات في النقط التالية :
لقد كان الكلاسيكيون لا يؤمنون بإمكانية تعرض الاقتصاد الرأسمالي للبطالة واعتقادهم أن الاقتصاد الرأسمالي وإن سادت به البطالة فأنها ستكون مؤقتة وسيتم امتصاصها بسرعة تحت تأثير قانون العرض والطلب لكن الواقع الاقتصادي المتمثل في أزمة 1929م أثبت العكس.
اعتبر الكلاسيكيون أنه خلال عملية التبادل فان النقود محايدة وهي مجرد حجاب يغطي الحقيقة لكن كينز يرى العكس من ذلك حيث اعتبر أن النقود تلعب دورا أساسيا ومركزيا في العملية التبادلية.
التحليل الاقتصادي الكلاسيكي يقوم على تحليل تصرفات الأفراد الجزئية بينما يرى كينز ضرورة إجراء تحليل شامل لمجموع النشاط الاقتصادي .
كان المذهب الليبرالي الكلاسيكي يرفض تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية بينما يرى كينز ضرورة تدخل الدولة لضمان التشغيل الكامل ورفع مستوى الطلب .

التفسير الكينزي للبطالة : يرى كينز على العكس الكلاسيكيين أن انخفاض الأجور يؤدي إلى نقص طلب العمال على السلع والخدمات الأمر الذي يضطر المنتجين إلى تخفيض إنتاجهم وتقليص عدد العمال الذين يشغلونهم هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فان توقعات المنتجين يدفعهم إلى القيام باستثمارات جديدة وقد يقومون بتسريح جزء من عمالهم ، وفي هذا الإطار يرى كينز أن مستوى التشغيل يتحدد بمستوى الإنتاج وهذا الأخير يتحدد بمستوى العرض والطلب على السلع ويتكون الطلب الكلي على سلع الاستهلاك وكذلك على سلع الاستثمار(الآلات والتجهيزات).

وهكذا فان مستوى الإنتاج ومستوى التشغيل يتحددان بمستوى الطلب الكلي عن السلع فزيادة الطلب الكلي على السلع يؤدي إلى زيادة أرباح المنتجين وهو ما يدفعه إلى زيادة التشغيل والعكس صحيح إلى جانب ذلك فان الادخار يمثل حالة انكماشية للطلب وعدم القدرة على تصريف مجموع الإنتاج وهنا لا يمكن للنشاط الاقتصادي أن يستمر إلا إذا تم تصريف كل الإنتاج هذا الأمر لا يتم إلا إذا تحول الادخار إلى استثمار ليمتص الفائض من السلع التي تزيد عن حاجات المستهلكين.

ولحماية النظام الرأسمالي من الأضرار السلبية التي ترتبط بالبطالة يطالب كينز بالتنازل عن جزء من الحرية الاقتصادية والدعوة إلى تدخل الدولة بالحياة الاقتصادية وذلك من اجل الرفع من مستوى الطلب الكلي بنوعيه الاستهلاكي والاستثماري إضافة غالى تقديم الخدمات مجانا وبأسعار منخفضة للفقراء وذوي الدخل الضعيف .

مدخل الى علم الاقتصاد

مدخل الى علم الاقتصاد
ــــــــ

أولاً: الاقتصاد وعناصره:
ان موضوع دراسة علم الاقتصاد هو الاقتصاد كمجال خاص من مجالات النشاط البشري. ولذلك يكتسب تحديد ماهية الاقتصاد اهمية خاصة. ذلك ان الاجوبة على هذا التساؤل تكون متنوعة وواسعة، لأننا نصادف يومياً العديد من المشاكل والمواضيع المتعلقة بالاسعار والنقود والنفقات والاجور والخ. وعلى العموم ترسخ في اذهان الناس ووعيهم تصور عن الاقتصاد مفاده انه الادارة العقلانية للاقتصاد الوطني وللاستخدام الفعال للموارد.
أ – مقدمات الاقتصاد: الحاجات والموارد.
يحتاج المجتمع البشري وكل انسان على حدة الى اشباع الحاجات المتنوعة. وهذه الحاجات يمكن ان تصنف بمعايير مختلفة:
-
الحاجات الى وسائل المعيشة، أي الخيرات التي تشبع الحاجات الملحة للناس (المأكل، اللباس، المسكن، والخ).
-
الحاجات لوسائل المعيشة الثقافية – الاجتماعية (التعليم، الثقافة، الراحة).
-
الحاجات لوسائل النشاط والعمل (وسائل الانتاج).
-
الحاجات لاشباع رغبات الراحة والترفيه.
اما من وجهة نظر الاقتصاد فيمكن ان نلاحظ تنامي الحاجات وتغيرها نوعياً وكمياً مع تطور المجتمع، حيث تختفي حاجات قديمة وتبرز حاجات جديدة وهو ما يعبر عنه قانون ارتقاء الحاجات.
ان ارتقاء الحاجات وتغيرها نوعياً وكمياً يخلق حافزاً قوياً لانتاج الخيرات والمواد المعدة لاشباع هذه الحاجات. ومع ان الحاجات تلبي بالخيرات المنتجة والخيرات المتوفرة في الطبيعة فان الاشباع المستمر يعتمد على وجود موارد كافية لدى الافراد والمجتمع لهذه الغاية.
الموارد: هي الامكانيات المتوفرة لدى المجتمع لانتاج الخيرات واشباع الحاجات. والموارد متنوعة ويمكن تصنيفها كما يلي:
-
موارد طبيعية أي الاحتياطات المتوفرة من المواد الاولية والظروف الطبيعية للناس (شروط ملائمة للزراعة، موقع جغرافي ملائم).
-
موارد مراكمة بواسطة الاجيال المتعاقبة للنشاط الانتاجي وللاستهلاك، أي المشاريع، وسائل النقل، المساكن الخ.
-
الموارد البشرية، خبراتها ومؤهلاتها ومستوى التعليم والقدرات الادارية.
-
الموارد المالية والمعادن الثمينة.
ب – المؤشرات الانطلاقية للاقتصاد.
يمكن اشباع الحاجات البشرية باشكال مختلفة. في البداية جرى ذلك بجمع الثمار من الطبيعة واستخدام الانهار للانتقال فيما بعد اكتشفت علاقة اشباع الحاجات بتطوير انتاج الخيرات المادية.
ان الانتاج، أي خلق المنتوجات يشكل نقطة الانطلاق والمؤشر الأول للنشاط الاقتصادي للبشر. ففي سياق الانتاج والنشاط العملي يتم تكييف الموارد الطبيعية وتحويلها الى منتوجات تشبع الحاجات البشرية. والخيرات ليس ما ينتج فقط بل هي كل شيء مادي وغير مادي قادر في نهاية المطاف على اشباع حاجات معينة للمستهلكين او يستخدم لاهداف محددة من قبل المنتجين. والخيرات في اقتصاد السوق تبرز على شكل سلع وخدمات. يمكن تقسيم الخيرات الى نوعين: موارد انتاجية ومواد استهلاكية منتجة بواسطة الاخيرة.
في سياق الانتاج الموارد هي عوامل الانتاج او عوامل انتاج الخيرات. اما الموارد البشرية فتظهر في عملية الانتاج كسياق عمل. وتسمى الموارد الطبيعية والمواد المنتجة منها التي يتم تحويلها بواسطة العمل البشري مواد العمل. اما الموارد المادية المراكمة بواسطة العمل البشري والتي بواسطتها يؤثر الانسان على مواد الطبيعة لتحويلها فتسمى ادوات العمل.
كما ان ادوات العمل ومواد العمل تبرز مجتمعة كوسائل انتاج. من اجل انتاج الخيرات تستخدم وسائل الانتاج باسلوب انتاج محدد تمليه القاعدة التقنية المتوفرة وهو ما يعرف باسم التكنولوجيا (تنظيم الانتاج وادارته). وبجمع وسائل الانتاج مع قوة العمل نحصل على القوى المنتجة، التي يمكن التفريق فيها بين:
القوى المنتجة الاولية أي الموارد الطبيعية ووسائل الانتاج ومنتجو الخيرات.
القوى المنتجة من الدرجة الثانية وهي التي تتطور وتنتج على قاعدة النوع الاول وتمتاز باشكال تنظيم عملية الانتاج وجذب نتائج العلم والتعليم والثقافة والمنافسة الى مجال الانتاج.
والاقتصاد عموماً هو عملية تحويل (تصنيع) الموارد المتوفرة لدى المجتمع الى منتوجات ينبغي ان تشبع حاجات المجتمع واعضائه. من هنا يمكن تصوير اداء الاقتصاد على الشكل التالي:





من هنا فالموارد هي مدخل، وعملية الانتاج هي الحلقة المركزية أي عملية استخدام الموارد، اما الاستهلاك الفردي فهو مخرج مباشر وعملية إعادة انتاج الموارد هي الصلة العكسية في الاقتصاد.
من هنا تبرز المشاكل الاقتصادية الاولية:
-
ماذا ينبغي ان ننتج (اية حاجات يجب ان تشبع).
-
كيف ننتج (من أية موارد وبأي تكنولوجيا).
-
من اجل أي هدف (لمن ننتج؟ وجهة استخدام المنتوج).
ج – الاقتصاد: وحدة الانتاج والاستهلاك والتبادل والتوزيع.
كل منتوج ينتج وبالتالي ينفق على انتاجه موارد من اجل تلبية حاجات معينة. وخارج هذه المسألة لا معنى لأي انتاج.
الاستهلاك: أي اشباع الحاجات هو النقطة النهائية وهدف النشاط الانتاجي في أي مجتمع. وتشبع الحاجات بمنتوجات منتجة وغير منتجة.
من حيث اهدافه يقسم الاستهلاك الى فردي وانتاجي. الاستهلاك الفردي يلبي حاجات الناس خارج حدود الانتاج. اما الاستهلاك الانتاجي فهو استخدام المنتوجات بهدف اعادة انتاج وتوسيع انتاج عوامل الانتاج، لاهداف استثمارية. ويمكن تقسيم المنتوجات المنتجة حسب فترات استخدامها الى سلع طويلة الاستعمال (الثياب، الاحذية، الآلات) وسلع قصير الاستعمال (معظم المواد الغذانية والمواد نصف المصنعة).
وينبغي ملاحظة ميزة الاحلال بين السلع في مجال الاستهلاك أي استخدام سلع بديلة وكذلك ميزة التكامل أي ضرورة استخدام سلع ما من اجل استهلاك سلع اخرى محددة (الشاي والقهوة والسكر)
تصل الخيرات المنتجة الى الافراد من اجل الاستهلاك عن طريق التوزيع والتبادل.
التوزيع: هو تحديد حصة وحجم المنتوج الذي يصل للمشاركين في العملية الانتاجية بغية استهلاكه. ودور التوزيع مهم وواضح في المجتمع. ذلك ان التوزيع غير العادل للخيرات يعتبر، في الغالب سبب التوتر الاجتماعي في المجتمع، ويمكن ان ينسف الحوافز للنشاط الانتاجي. لذلك كانت مشاكل التوزيع في دائرة اهتمام علم الاقتصاد على الدوام.
ينبغي التمييز بين التوزيع بالمعنى الضيق للكلمة (توزيع المنتوج) والتوزيع بالمعنى الواسع (شروط وعوامل الانتاج) يتعلق توزيع المنتوج بكيفية توزع عوامل الانتاج بين عملاء الانتاج أي بشكل الملكية لهذه العوامل.
يميز عادة بين التوزيع الاولى والتوزيع من الدرجة الاعلى. فالمنتوج والدخل يعاد توزيعه بين عملاء العملية الانتاجية: المشاريع والدولة، العمال وارباب العمل، الدولة والمناطق.
التبادل: هو مرحلة حركة المنتوج الاجتماعي التي توصل المنتوجات وشروط الانتاج لعملاء النشاط الاقتصادي. يميز عادة بين تبادل النشاط في الانتاج وتبادل المنتوجات فاذا كان النوع الاول من التبادل مبني على التطور التكنولوجي العمل داخل سياق العمل وبجميع سياقات العمل التي يقوم بها العمال المنفردون، فان النوع الثاني يختلف عن الاول. فتبادل المنتوجات يتم على قاعدة التقسيم الاجتماعي للعمل او تخصص عملاء الانتاج بانواع انتاج محددة. ان التبادل القائم على اساس تقسيم العمل في الاقتصد المعاصر يأخذ شكل تبادل السلع. وتقوم النقود بدور الوسيط في عملية التبادل. ويجب التفريق بين تقسيم العمل في الداخل والتقسيم الدولي للعمل حيث تتخصص دول محددة بانتاج سلع محددة.
في كل طور من اطوار الحركة من الانتاج الى الاستهلاك ينخرط عملاء جدد في النشاط الاقتصادي. وتتشكل بينهم علاقات محددة بصدد انتاج وتوزيع وتبادل واستهلاك المنتوجات هي العلاقات الانتاجية.
وطالما ان الاستهلاك لا يمكن ان يتوقف فان تجدد الانتاج والتوزيع والتبادل والاستهلاك كعملية واحدة مسألة حتمية وهو ما يشكل عملية تجديد الانتاج. بهذا المعنى الاقتصاد هو اقتصاد متجدد الانتاج يعبر عنه بالدورة الاقتصادية.
د – محدودية الموارد:
يبدأ كل فعل اقتصادي من تحديد الحاجة المعينة. ان الاشباع النسبي والمؤقت للحاجات في اللحظة الزمنية المحددة يحتم تجدد هذه الحاجات، تناميها وتعقدها وتعمقها. وهذه ظاهرة مستمرة. من جهة اخرى، توجد موارد مادية محدودة لاشباع هذه الحاجات وهذه المحدودية تكون مختلفة ونسبية. وهذا يعني محدودية الوسائل المتوفرة (ان كانت مواد معدة للتحويل او وسائل انتاج او موارد بشرية) منتجة او متوفرة في الطبيعة. وبالتالي هذه الموارد تكون غير قابلة للانتاج.
من هنا فان احجام ودرجة توفر الاحتياطات تميز محدودية الموارد المعبر عنها في ندرة الخيرات، او على الاقل في نقص الخيرات الضرورية لاشباع كل الحاجات بنسبة متساوية. ولذلك فالندرة والنقص تبرز كجوانب لمحدودية الموارد وهذه المحدودية هي صفة شاملة للموارد التي تدخل في مجال النشاط الاقتصادي للناس.
يجعل تعدد الحاجات في ظل محدودية الموارد لاشباعها هذا الاشباع ناقصاً. لذلك فان كل فعل اقتصادي يعني خيار الحاجة من اجل اشباعها. لذلك فان مشكلة اتخاذ القرارات الاقتصادية هي في الجوهر مسألة اختيار احد نماذج الافعال الاقتصادية من بين خيارات عديدة. وهذا الخيار يعني التخلي عن اشباع الحاجات الاخرى في الوضع المحدد. وكل فعل اقتصادي هو انفاق حصة معينة من الموارد المحدودة وبالتالي تقليصاً لامكانيات اشباع الحاجات الاخرى. وبهذا الشكل فان تخصيص كمية معينة من الموارد لاشباع حاجات معينة يعني التخلي عن استخدام هذه الموارد لاشباع الحاجات الاخرى. وبالتالي فان الجانب الآخر لمشكلة الاختيار هي مشكلة التخصص المحدود والمخطط للوسائل من اجل اشباع الحاجة المعينة، مقابل تأمين الامكانيات لاشباع الحاجات الاخرى.
هـ – النشاط الاقتصادي والفعالية:
تتطلب ضرورة تنفيذ الخيار من بين الصيغ الممكنة لاخذ القرارات بشأن انتاج وتوزيع وتبادل واستهلاك الخيرات القيام بنشاط اقتصادي (انتاجي).
النشاط الانتاجي هو مجموعة التدابير وافعال العملاء الاقتصاديين الموجهة لاخذ القرارات الموفرة والتي تفترض اشباع الحاجات وبلوغ الاهداف في ظل اقل ما يمكن من النفقات.
يمتاز العملاء الاقتصاديون بامكانية اخذ القرارات لبلوغ اهدافهم بشكل مستقل وبأنهم يملكون الموارد لذلك. هؤلاء العملاء في اقتصاد السوق هم القطاع العائلي والوحدات الانتاجية.
يفترض النشاط الانتاجي مقارنة النتائج بالنفقات وتحقيق فعالية النشاط. الفعالية هي تناسب النتائج مع النفقات. ولها عدة اشكال تجلي.
تفترض العقلانية الاقتصادية للعملاء الاقتصاديين في اقتصاد السوق بان عليهم، قبل كل شيء تحديد المنافع (النتائج) من افعالهم، والنفقات المفترضة الضرورية لبلوغ النتائج ومقارنة النتائج بالنفقات.
المنافع هي الخيرات المادية التي يحصل عليها العميل الاقتصادي والنفقات هي الخيرات التي يتخلى عنها في اطار هذا الفعل الاقتصادي. مثل هذه المقارنة للمنافع والنفقات في اطار اتخاذ القرارات الاقتصادية تسمح بتحديد الافعال الاقتصادية المثلى للعميل الاقتصادي في الظروف المحددة.
في اقتصاد السوق، غالباً ما تقيم المنافع بالشكل النقدي وتأخذ شكل تدفقات نقدية او موارد، بينما تأتي النفقات بشكل انفاق. وبالتالي فالنتيجة من الفعل الاقتصادي هي الفرق بين الموارد والنفقات أي هي الدخل. ولذلك فان عقلانية سلوك العملاء الاقتصاديين تكمن في تعظيم المداخيل من النشاط الاقتصادي. وعندما يشارك العميل في انواع نشاط مختلفة تأخذ النتائج اشكال مختلفة. يميز عادة بين فعالية الموارد عندما تقارن النتيجة باحد عوامل الانتاج المستخدمة (العمل، الرأسمال، المواد) والفعالية العامة عندما تقارن النتائج بالنفقات العامة للوحدة الاقتصادية المثال على فعالية الموارد:
انتاجية العمل = النتيجة/نفقات العمل
انتاجية الرأسمال = النتيجة/الراسمال المستخدم
انتاجية المواد = النتيجة/نفقات المواد
اما الفعالية العامة فهي: النتيجة/الراسمال المستخدم أو النتيجة/نفقات الانتاج.
اما في مجال التحليل الحدي فلا يكفي رؤية الظاهرة الاقتصادية في شكلها النهائي وانما في تطورها وتغيرها. هذا يتطلب تقييم ليس الظواهر فحسب وانما تغيراتها ايضاً. في هذه الحالة تحدد عقلانية العميل الاقتصادي في سياق متابعة النشاط الاقتصادي (للعمليات) بمقارنة تغير المنافع مع تغير النفقات في الفعل الاقتصادي المحدد. فاذا قارن ليس المنفعة العامة مع النفقة العامة وإنما أيضاً المضافة في هذه العملية وبالتالي المنفعة الحدية مع النفقة الحدية بحيث تتفوق المنفعة على النفقة فان النتيجة من هذه العملية تكون ايجابية، عندها لا ينبغي ان يتوقف العميل الاقتصادي عن العمل الى ان تتساوى المنفعة الحدية مع النفقة الحدية. في هذه الحالة فقط يكون العميل قد عظم منفعته بتحقيق الهدف.
و – الخيار الاقتصادي والكلفة البديلة: يهدف أي فعل اقتصادي للحصول على منتوج (خيرات) محددة من جراء فعل وقرار اقتصادي هو في الوقت ذاته تخل عن امكانية الحصول على خيرات اخرى بديلة، أي خيرات تضحي بالحصول عليها لكي نحصل على المنتوج الذي قررنا امتلاكه. فشراء سيارة يعني مثلاً التخلي عن شراء شقة.
في كل حالة يوجد عادة اكثر من خيار. ويقيم العميل الاقتصادي العقلاني المنافع من كل خيار لاستخدام الموارد المتوفرة ويقع خياره على شكل الاستخدام الذي يعطي اكبر منفعة ممكنة. عما يتخلى العميل العقلاني في هذه الحالة؟ انها اكبر منفعة ممكنة من الخيارات الاخرى التي يتخلى عنها لقاء حصوله على منفعة اكبر من خيار آخر. وبالتالي فان نفقات الحصول على المنتوج المعين يكون الخيرات التي حرم منها وان اعلى منفعة من بين المنافع التي رفضها للحصول على المنفعة التي اختيارها هي نفقة الحصول على هذه المنفعة. بمعنى آخر النفقات البديلة هي المنفعة الفضلى من الامكانيات البديلة غير المحققة.
ان حساب ومراعاة النفقات البديلة في الخيار الاقتصادي هو احد المبادئ المهمة في التحليل الاقتصادي الجزئي. مثلاً يمكن تمثيل النفقات البديلة بواسطة منحنى الامكانيات لانتاجية الموديل البسيط الذي يظهر انه في ظل كمية الموارد الانتاجية المتوفرة والتكنولوجيا يمكن زيادة انتاج سلعة بديلة على حساب تقليص انتاج سلعة اخرى وتوجد هنا نماذج بديلة متعددة للتوليفات الانتاجية البديلة للموارد.



ز – الاقتصاد – وحدة مجال النشاط
يعمل الاقتصاد في اطار نظام الوحدات الانتاجية والقطاع العائلي وتتحقق في الاقتصاد الفعلي العلاقات بين عملاء الاقتصاد عبر تدفقات السلع الاستهلاكية والموارد الانتاجية والمالية.
في هذه الحركة يتجلى تخصص الوحدات المختلفة بهذا النشاط او ذاك وبانتاج السلع والخدمات المختلفة والاساس العميق لهذا التخصص هو التقسيم الاجتماعي للعمل. ان العمل الاجتماعي أي مجموع الاعمال الملموسة في المجتمع في كل لحظة زمنية معينة محدود من وجهة نظر اشباع الحاجات. ولاشباع هذه الحاجات لا بد من زيادة انواع العمل والمنتوجات المتنوعة لكن هذه العملية تصطدم بالامكانيات الضيقة للموارد المتوفرة بما فيها موارد العمل. وتجاوز هذا التناقض يؤدي لضرورة التخصيص المتزايد ولنمو انتاجية العمل المرتبطة به. بالمحصلة تتشكل في المجتمع انواع خاصة من الاقتصاد أي مجالات نشاط اقتصادي تختلف عن بعضها بالتكنولوجيا وبالمنتوج والموارد المستخدمة ومنها:
-
مجال النشاط الانتاجي المادي (انتاج الخيرات المادية) وهي الزراعة والصناعة والبناء.
-
مجال انتاج الخدمات، حيث اشباع الحاجة غير منفصل عن النشاط في هذا المجال (خدمات التصليح والترميم – خدمة مادية) وخدمات التعليم والطبابة والسياحة والتجميل وهي خدمات غير مادية.
-
قطاع الانتاج الاول وهو مكون من القطاعات والمشاريع التي تمارس التأثير الاولي المباشر على الطبيعة لاستخراج الخامات (الزراعة، المواد الاولية، الصيد بانواعه)، الصناعات الاستخراجية.
-
قطاع الانتاج الثاني هو عبارة عن القطاعات والمشاريع المنتجة للسلع النهائية الاستهلاكية والانتاجية، انها الصناعات التحويلية.
-
قطاع الانتاج الثالث الذي ينتج الخدمات.
ويعرف الاقتصاد المعاصر اليوم ميلاً لانتقال الموارد من القطاعات المنتجة للسلع الى قطاعات الخدمات.
ويمكن اضافة تصنيف آخر مرتبط بمستويات النشاط الاقتصادي.
-
اقتصاد المؤسسة حيث يعبر عن العلاقات الاقتصادية على مستوى الحلقة الاساسية للاقتصاد الوطني.
-
اقتصاد القطاع.
-
اقتصاد المنطقة.
-
الاقتصاد الوطني.
ثانياً: موضوع الاقتصاد.
الاقتصاد كمجال خاص لللنشاط هو مجال علاقات خاصة بين البشر. فالبشر كعناصر وعملاء اقتصاديين يقومون بالخيارات ويتخذون القرارات ويوظفون الرساميل ويتوحدون مع وسائل الانتاج وينتجون السلع، يحصلون على المداخيل، يدقعون الضرائب، يقيمون فعالية النشاط، يستخدمون المداخيل لاعالة العائلات والاستثمارات. وهؤلاء العملاء بالذات يدخلون فيما بينهم في علاقات بصدد انتاج وتبادل السلع والحصول على المداخيل منها، يدخلون في علاقات مع الدولة لدفع الضرائب وللحصول على الاعانات. ويمكن لتعداد العلاقات في الاقتصاد ان يطول كثيراً. فمع تطور الاقتصاد تتعقد هذه العلاقات ويظهر عملاء جدد وعلاقات جديدة. وتعقيد العلاقات هذا يجد تعبيره في النظرية الاقتصادية في التحليل الاقتصادي المتواصل للدورة الاقتصادية من اشكالها البسيطة حتى اشكالها الاكثر تعقيداً، مشاركة الدولة والعلاقات الاقتصادية الخارجية، وفي الانتقال من تحليل تجديد الانتاج الفردي الى تحليل المشاكل الاقتصادية الكلية.
ان مهمة أي علم تكمن في تحليل العمليات الفعلية والعوامل ابراز الترابطات الداخلية وتحدد القانونيات وميول تغير الظواهر… وعلم الاقتصاد ليس استثناءً. اذ يطهر تاريخ النظرية الاقتصادية بانه كان تاريخ بحث دائم عن تحليل للحياة الاقتصادية وطموحاً لتصوير وتفسير وتنبؤ بميول تطور وابراز قوانين الحياة الاقتصادية وتعليل اساليب اتخاذ القرارات العقلانية.
ان النظرية الاقتصادية تدرس نشاط البشر وهي بالتالي نظرية اجتماعية، علم اجتماع أي تدرس علاقات تحددها ارادة ووعي البشر. وبالتالي فان النظرية الاقتصادية مرتبطة بالمصالح الاقتصادية وبالايديولوجيا. وهي لا تدرس فقط القرارات التي يتخذها البشر بل ضرورة تحقيق هذه القرارات.
ان موضوع دراسة النظرية الاقتصادية هي العلاقات الاقتصادية في المجتمع. انها علم عن منظومات العلاقات الاقتصادية في المجتمع. وفي تحليلها لهذه العلاقات عليها ان تجيب على مجموعة من الاسئلة:
ما هو النظام الاقتصادي، كيف هو بناؤه وما هي عناصره البنيوية واهدافه واشكال حركته؟
كيف يعمل النظام الاقتصادي، كيف يتحقق الترابط بين عناصره في سياق ادائه وما هو تأثير اتخاذ القرارات الاقتصادية عليه؟
كيف يتفاعل نظام العلاقات الاقتصادية مع مجالات المجتمع الاخرى خاصة في المجال الاجتماعي والسياسي؟
بالاستناد لدراسة العمليات الاقتصادية الفعلية تضع النظرية الاقتصادية الاساس لاتخاذ القرارات الفعلية على مستوى الاقتصاد ككل وعلى مستوى حل المهام الملموسة. وكون اخذا القرارات يفترض دراسة الموضوع كما هو فان المهمة الانطلاقية للنظرية الاقتصادية هي تحديد مضمون وبنية النظام الاقتصادي.
وكون النظام الاقتصادي المعاصر معقداً فان النظرية الاقتصادية تتمثل بمجموعة من الاتجاهات والمدارس. ان الاجزاء المكونة للنظرية الاقتصادية وما دتها يمكن ان تحدد وفق مؤشرين اساسيين:
1 –
النظرية الاقتصادية تتطور مع تطور المجتمع. فالاقتصاد والنظريات الاقتصادية تتطور مع تتطور العلاقات الاقتصادية الفعلية.
2 –
تعقد العلاقات الاقتصادية وظهور موديلات اقتصادية جديدة تولد تمايزاً في النظرية الاقتصادية وبروز اتجاهات ومدارس اقتصادية جديدة.
تكون المنظومة العلمية للنظرية الاقتصادية
ارتبط تكون النظرية الاقتصادية بفهم وتصوير النظام الرأسمالي السوقي نظرياً. مع تكون هذه النظرية وتعقيد العلاقات الاجتماعية حصلت فكرة تصوير هذه العلاقات نظرياً على الاعتراف وعلى التجسيد الفعلي:
الماركنتلية (القرن السادس عشر – القرن السابع عشر): مرت بمرحلة طويلة من التطور من الماركنتلية البدائية الى المتطورة. في كل المراحل امتازت بجملة مؤشرات – رات في النقود اعلى اشكال الثروة، وزيادة الثروة تعني زيادة كمية النقود التي تتدفق الى البلد بواسطة التجارة (ممثلوها : سييرا، ستافورد، مان، مونكرتيان). وقد رأت في مجال التداول مصدراً اساسياً الثروة.
الطبيعيون: (فرانسوا كيناي، آن جاك تورغو)، وضعا منظومة افكار ونظرات متكاملة تجاه البنية الاقتصادية للمجتمع انطلاقاً من اولوية الزراعة كاساس لحياة المجتمع. ويعود لهم الفضل في نقل البحث عن مصدر الثروة من التبادل الى مجال الانتاج. ولهم الفضل الاول في التاريخ في تصوير حركة تجديد الانتاج الاجتماعي وقد مارست افكارهم هذه تأثيراً كبيراً على مسار الفكر الاقتصادي اللاحق وخاصة على آدم سميث.
المدرسة الكلاسيكية: وهي قمة تشكل النظرية الاقتصادية كمنظومة على يد آدم سميث ودافيد ريكاردو وذلك مع انتصار الرأسمالية نهائياً في اوروبا الغربية: يكمن دور سميث التاريخي في دفاعه عن قوانين اقتصاد السوق الحر والليبرالية الاقتصادية والتأسيس النظري لمنظومة افكار عن البنية الاقتصادية للمجتمع انطلاقاً من نظرية القيمة – العمل. اعطى اهمية كبيرة لتقسيم العمل وحدد العوامل التي تؤثر على نمو انتاجية العمل.
وعكس ريكاردو مرحلة اكثر تطوراً في الرأسمالية – أي مرحلة الانتاج الآلي واتضاح التناقضات الرأسمالية. لذلك تمكن من تفسير تعارض الربح والريع، الربح والاجرة، وابراز موضوع التوزيع الى المقدمة، انجاز نظرية القيمة – العمل، الجمع بين التحليل الكمي والنوعي. وهو أول من أسس نظرية الريع والنظرية الكمية للنقود ومبدأ النفقات المقارنة في التجارة الدولية وقد جعل ريكاردو من التحليل الاقتصادي – الاجتماعي جزء من موضوع النظرية الاقتصادية.
تشكل الاتجاهات الاساسية في النظرية الاقتصادية وتطورها:
كانت ردة فعل النظرية الاقتصادية على تأزم النظام الاقتصادي الرأسمالي في القرن التاسع عشر مزدوجة: من جهة برز اتجاه حصر دور النظرية الاقتصادية في الدفاع عن مصالح طبقة اقتصادية محددة، وبرز ميل للهرب من مجال العلاقات الاجتماعية لتناقضات المجتمع وتركيز الاهتمام على اداء الاقتصاد فقط.
في مجال الدفاع عن طبقة محددة ونقد الرأسمالية يمكن الاشارة الى جان سيسموندي (1773 – 1842) الذي انتقدر تناقضات الرأسمالية ووقف ضد الرأسمال الكبير دفاعاً عن الانتاج الرأسمالي الصغير معللاً امكانية تناغم المصالح في سياق تطور الرأسمالية على قاعدة الانتاج الصغير وبذلك يتأمن حل تناقضات الرأسمالية.
اما التحليل العميق والشامل للرأسمالية فقد تم على يد كارل ماركس (1818-1883). وقد استندت منظومة افكاره على المبادئ المنهجية التي تجمع النظرة المادية لتطور القوى المنتجة ولمضمون المجتمع والديالكتيك وقد وضع ماركس نظرية اقتصادية – اجتماعية تنظر لمضمون الاقتصاد عبر تطور مضمون الملكية وتبرز منظومة العلاقات الاقتصادية كمنظومة لعلاقات الملكية. وانطلاقاً من نظرية القيمة – العمل، وضعت منظومة ماركس مسألة الاستغلال الراسمالي في مركز الاهتمام وكذلك مسألة تعارض مصالح البرجوازية والعمال المأجورين. ولذلك شكلت نظرية ماركس اساساً نظرياً للاعمال الثورية من اجل استبدال النظام الرأسمالي بالنظام الاشتراكي. وقد حدد ماركس موضوع النظرية الاقتصادية على انها علم عن منظومة العلاقات الانتاجية والاقتصاديةالاجتماعية.
اما الاتجاه الآخر في النظرية الاقتصادي فقد وضع في مركز اهتمام الاخيرة ليس العلاقات الطبقية وانما اداء نظام العلاقات السلعية وترابط عناصر هذا النظام في سياق اتخاذ القرارات الاقتصادية. وقد تشكل هذا الاتجاه في النصف الثاني للقرن التاسع عشر. وكان محاولة للتهرب من مشاكل الرأسمالية واعتبارها من خارج النظام. ومن المهم هنا الاشارة الى كتاب الفريد مارشال "مبادئ النظرية الاقتصادية 1890" حيث رفض الجوانب الاقتصاديةالاجتماعية للنظرية وركز على بحث الخيار الاقتصادي وضرورة تحليل عوامل الانتاج.
ومرّ الاتجاهان في النصف الثاني للقرن التاسع عشر بتطورٍ معقد تكاملا واغتنيا من بعضهما البعض.
فقد شهد الاتجاه الثاني بروز تحليل الاستخدام العقلاني للموارد المحدودة بواسطة الطرق الرياضية على يد كورنو غوسيه، جيفوس، فاليراس، باريتو، وقد مارس تأثيراً على تطور هذا الاتجاه الحديون (منغر، فيزر، وبمبافرك).
وقام الفرد مارشال بتوحيد اتجاهي النظرية الاقتصادية في اطار الاقتصاد الجزئي على قاعدة مبدأ الحدية. وطوّر كلارك وشومبتر التحليل الاقتصادي عن طريق ادخال الدينامية. وكانت مساهمة جون مينارد كينز في النظرية الاقتصادية المعاصرة كبيرة جداً (1883 – 1946) وذلك بوضعه للنظرية الاقتصادية الكلية ثم لدعوته الاخذ بعين الاعتبار لتناقضات الرأسمالية واعترافه بان الرأسمالية ليست نظاماً منظماً ذاتياً بل انها معرضة على الدوام للازمات الاقتصادية. وقدر برهن على ضرورة التنظيم الحكومي للنشاط الاقتصادي عبر الطلب الكلي الفعال. وبذلك وضع الاساس للسياسة الاقتصادية الحكومية.
وبحثت الليبرالية المعاصرة عن حوافز للنظام الاقتصادي في المرحلة المعاصرة بعد تعمق ازماته. وقد تمثل ذلك في اعمال النقديين وخاصة ميلتون فريد من، الذي اولى اهمية خاصة لدور الكتلة النقدية في التداول وتأثيره على التضخم. ويشير انصار نظرية اقتصاد العرض الى ضرورة الاهتمام بتشجيع نشاط الشركات. وتؤكد نظرية التوقعات العقلانية على قدرة العملاء الاقتصاديين على التكييف مع معطيات اقتصاد السوق. اما نظرية الخيار الاجتماعي فتحاول تجاوز ضعف التنظيم الحكومي للاقتصاد باللجوء لمبدأ الفردية.
اما الاتجاه الاقتصاديالاجتماعي فقد مر بتطور معقد من جراء تناقضات الرأسمالية وعوامل سياسية. لذلك برز ما سمي بالاتجاه التبريري المدافع عن الرأسمالية فالـى جانب النظرية الماركسية برزت المدرسة التاريخية (ليست، روشر، غيلدبرن) التي دعت لكي تعكس النظرية الاقتصادية خصوصيات الاقتصاديات الوطنية ودافعت عن فكرة المقاربة التاريخية للاقتصاد والأخذ بعين الاعتبار للعوامل التاريخية والثقافية في التحليل الاقتصادي. وبرزت المدرسة التاريخية الجديدة (شمولير، برنتانو، بيوخر) بوجه المدرسة الحدية، حيث وضعت مهمة تفسير الحياة الاقتصادية انطلاقاً من التحليل التفصيلي للحياة الاقتصادية الفعلية والترابط الوثيق للاقتصاد والاخلاق والسيكولوجيا. الى ذلك هناك المدرسة الاجتماعية التي ركزت الاهتمام على دور المؤسسات الراسمالية في حل تناقضات الاخيرة.
العناصر المكونة للنطرية الاقتصادية: النظرية الاقتصادية اليوم هي نتاج تطور الاقتصاد من النظم الاقتصادية البسيطة حتى المعقدة ونتيجة تعقيد وتنوع نماذج الاقتصاديات الوطنية وكذلك نتيجة لتطور طرق العلم.
النظرية الاقتصادية المعاصرة هي منظومة علوم اقتصادية يجمعها موضوع مشترك (عام) هو العلاقات الاقتصادية.ولكل جزء من اجزاء النظرية الاقتصادية مادة بحثها الخاصة.
1 –
نظرية الاستخدام العقلاني (الفعال) للموارد المحدودة، وموضوعها تحليل اداء العلاقات الاقتصادية على المستوى الجزئي (الاقتصاد الجزئي) والكلي (الاقتصاد الكلي).
2 –
النظرية الاقتصادية – الاجتماعية وموضوعها تحليل الاقتصاد كنظام اقتصادي – اجتماعي، تحليل النظام الاقتصادي ونماذج الاقتصاد.
3 –
النظرية الاقتصادية المؤسساتية التي تدرس العلاقات الاقتصاديةالتنظيمية وترابط المؤسسات الاقتصادي وغيرها وتأثيرها على تطور النظام الاقتصادي.
4 –
تاريخ النظرية الاقتصادية.
النظرية الاقتصادية هي علم نظري عام عن الاقتصاد خلافاً للعلوم الاقتصادية الجزئية التي تدرس مشاكل اقتصادية قطاعية، التي تستند الى الاستنتاجات العامة للنظرية الاقتصادية.
ثالثاً – الانظمة الاقتصادية وتصنيفها:
النظام الاقتصادي هو مجموعة عناصر الاقتصاد المترابطة والمنسقة بشكل محدد. وبدون الطابع المنظومي للاقتصاد لا يمكن ان تتجدد العلاقات والمؤسسات الاقتصادية ولا يمكن ان تتحقق القوانين الاقتصادية ولا يمكن انتاج فكر وتفكير اقتصادي ولم يكن بالامكان وضع وتنسيق السياسات الاقتصادية. وتجد الانظمة الاقتصادية تعبيرها وانعكاسها في النظريات والآراء الاقتصادية مثل نظريات سميث وريكاردو، ماركس، ليست، مارشال، كنير وسامولسون.
أ – معايير وانماط تصنيف الانظمة الاقتصادية: تصنف الانظمة الاقتصادية كما يلي :
1 –
حسب اشكال الانتاج او نمط الاقتصاد توجد الانظمة الاقتصادية التالية: 1-الاقتصاد الطبيعي حيث الانتاج والاستهلاك موحدان أي بدون واسطة. 2اقتصاد السوق او الاقتصاد السلعي حيث تقوم العلاقات بين المنتجين والمستهلكين بواسطة التبادل في السوق، 3- الاقتصاد المخطط منهجياً.
2 –
حسب التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية والمعيار الاساسي للتصنيف هو شكل توحيد بوسائل الانتاج والمنتجين وكذلك شكل الملكية. وعليه توجد الانظمة التالية: المشاعي البدائي، العبودي، الاقطاعي، الرأسمالي والاشتراكي.
3 –
بدرجة التطور الصناعي للمجتمع: ما قبل الصناعي، الصناعي، وما بعد الصناعي.
4 –
الانظمة الحضارتية وهو تصنيف يجمع العديد من عناصر الانظمة السابقة.
رابعاً: طرق النظرية الاقتصادية: والمقصود هنا اساليب دراسة الظواهر والعمليات الاقتصادية. لذلك تميز بين مجموعتين من الطرق: العامة والجزئية:
الطرق العامة تعبر عن وجود مقاربات عامة للفهم العلمي للواقع الاقتصادي ككل وتقدم قاعدة فلسفية – منهجية، رؤية واساس منهجي لبحث الاقتصاد. ويمكن تحديد هذه الطرق على انها طرق منهجية (مثلاً طريقة ماركس في تحليل الرأسمالية في كتابه رأس المال).
الطرق الجزئية هي وسائل ملموسة، اساليب، وسائل تبحث بواسطتها الجوانب المختلفة من النظام الاقتصادي وتدخل في هذه الطرق طريقة التحليل، الاستدلال، و التجريد.
المقاربات المنهجية (الميتادولوجية): نميز هنا بين المقاربة الوضعية، المقاربة البنيوية، والمقاربة الديالكتيكية.
تقوم المقاربة الوضعية : على الفلسفة الوضعية التي تعترف بالعلوم الملموسة (التجربية) مصدراً رئيسياً للمعرفة، لأنها لا تحتاج الى تعليل منهجي. وقد تشكلت هذه المقاربة في النصف الاول من القرن التاسع عشر ومن خصائصها:
-
انعكاس الامور الملموسة كعمليات محددة.
-
تحويل المعارف العلمية الى معارف ملموسة.
-
اهمية المعارف حسب نتائجها الملموسة.
-
تحويل المفاهيم العلمية الى وظائف لوسائل التحليل.
-
التحليل العملاني.
-
التحليل الوقائعي.
وقد انتشرت هذه المقاربة في مجال الابحاث الاقتصادية بالتوجه الى دراسة العلاقات الوظيفية الاقتصادية – الملموسة والاستخدام الفعال للرياضيات في الاقتصاد والبحث عن الحلول في اوضاع اقتصادية ملموسة. وعدم الاهتمام بابراز القانونيات الداخلية الجوهرية للظواهر الاقتصادية والعلاقات المكونة للانظمة الاقتصادية وهذه المقاربة تستخدم بشكل رئيسي من قبل الاتجاه النيوكلاسيكي.
المقاربة البنيوية: هذه المقاربة تركز الاهتمام على ابراز بنية النظام أي تكوينه الداخلي ومجموعة علاقاته وعناصره. من مميزاتها:
-
الطموح لتنظيم العناصر.
-
اولوية بنية النظام على مضمون عناصره وتاريخه.
-
فهم موضوعية الظاهرة عبر ادخالها في البنية فقط.
-
حذف كل ما هو غير بنيوي من النظام.
ويدخل في هذه المقاربة:
-
التحليل البنيوي – الوظيفي الذي يركز على ترابط عناصر النظام والوظائف التي تنفذها.
-
مبدأ تراتبية البنى (الاعتراف باولوية عناصر على اخرى).
-
طريقة المتعارضات الثنائية (استخدام مقولات مزدوجة: طبيعة –بنية، عرض – طلب).
المقاربة الديالكتيكية: وهي مرتبطة بالديالكتيك كعلم عن القوانين العامة لتطور الطبيعة والمجتمع والتفكير. وهو نتائج الفلسفة الالمانية الكلاسيكية وتطور لاحقاً على شكل ديالكتيك مادي على يد كارل ماركس الذي استخدمه لأول مرة في الاقتصاد السياسي.
تركز المقاربة الديالكتيكية على ابراز الصلات السببيةالنتيجة العميقة. يفرق بين الجوهر والظاهرة، المضمون والشكل، الضرورة والصدفة، الامكانية والواقع الفعلي، ويكشف عن الطابع الفعلي للعلاقات في اطار هذا الموضوع او ذاك.
يركز الديالكتيك على عمليات التطور مظهراً طابعها القانوني. فيفسر التطور عبر قوانينه الثلاثة: انتقال الكمية الى نوعية والعكس، وحدة وصراع الاضداد، نفي النفي. اما المبدأ الهام للحركة والدافع الداخلي للتطور هو التناقض الديالكتيكي الداخلي أي العلاقة بين الجوانب المتعارضة والمتلازمة بالضرورة المميزة للمادة او لأجزائها. اما حل التناقض فيؤدي لبروز علاقة جديدة.
تستخدم المقاربة الديالكتيكية طريقتي معرفة اساسيتين للعالم الفعلي:
-
طريقة الارتقاء من المجرد الى الملموس أي كاسلوب لتنظيم المفاهيم في اطار منظومة موحدة كاسلوب انتاج نظري للكل.
-
طريقة وحدة المنطقي والتاريخي. حيث يعكس البحث المنطقي للمادة العملية التاريخية الفعلية لتطورها.
وقد استخدمت هذه المقاربة بشكل رئيسي من قبل الاقتصاد السياسي الماركسي.
وعلى العموم يتم تحليل الاقتصادي على مستويين: المستوى الجزئي والمستوى الكلي. حيث يدرس التحليل الجزئي الوحدات الاقتصادية الجزئية او المفاهيم الاقتصادية الجزئية (المشروع، سوق السلعة، الطلب، المنتج، المستهلك)، في حين ان التحليل الكلي يدرس الاقتصاد الوطني ككل او قطاعاته الكبرى (الزراعة، الصناعة، الطب الكلي، الناتج الوطني الاجمالي والخ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق